بغداد- العراق اليوم:
في كل عام، يحيي محبّو أبي الأحرار، الإمام الحسين بن عليّ (عليه السلام)، ذكرى أربعينيته، لا باعتبارها حدثًا دينيًا وتاريخيًا فحسب، بل كمصدر متجدد للعطاء والإيثار، وجامعة حيّة للقيم والمبادئ والمثل العليا.
لقد خرج الإمام الحسين (عليه السلام) ثائرًا ضد الظلم والاستبداد، مطالبًا بالإصلاح في أمة جدّه المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، رافعًا الشعار الخالد:
“إني لم أخرج أشِرًا ولا بطرًا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي.”
وقد شكّل هذا الشعار حجر الأساس في بناء مجتمع آمن ومستقر. فالأمن لا يتحقق بالقوة وحدها، بل يتحقق بتحقيق العدالة الاجتماعية، التي تُعد المنطلق الحقيقي لترسيخ الاستقرار ودعم من يعملون على حمايته. ويتطلب ذلك مكافحة الفساد، وتعزيز الانتماء، وترسيخ الهوية الوطنية، وهي مبادئ دعا إليها الإمام الحسين (عليه السلام) بدمه وصموده.
ومن هنا، فإننا، كعاملين في المجال الأمني، لا نرى في ثورة الإمام الحسين مجرد ملحمة بطولية سُطّرت في تاريخ الإنسانية، بل نراها خريطة طريق واضحة نحو الأمن المستدام، تنبع من ضمير الأمة وقيمها الأصيلة. فقد علّمنا الحسين (عليه السلام) أن غياب العدالة هو أبرز أسباب الاضطراب، وأن أي سلطة لا تُبنى على الحق والعدل والإخلاص، هي سلطة زائلة لا محالة. لذلك، فإن فرض الأمن يجب أن يقترن بفرض العدالة، وإلا ضاعت الجهود المخلصة وسُفكت دماء طاهرة دون أن تحقق أثرها في استقرار الأوطان.
وكلما شعر المواطن أن القانون يحميه ويصون حقوقه، أصبح شريكًا حقيقيًا في حفظ الأمن. وهذا ما تعمل عليه حكومتنا الحالية في عراقنا العزيز، وتسعى لترسيخه كمنهج حياة دائم.
وفي ظل التحديات الأمنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، نستلهم من الإمام الحسين (عليه السلام) مبدأ رفض الطائفية وخطابات الكراهية، تمامًا كما رفض (عليه السلام) مبايعة الظالمين لإيمانه المطلق بأنهم سيمزقون وحدة الأمة. واليوم، نحن أحوج ما نكون إلى رفض كل خطاب يهدد وحدة شعبنا، وجعل ولائنا للعراق أولًا وأخيرًا، لأنه صمّام أمان استقراره.
إن ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) ليست ذكرى نحييها كل عام وحسب، بل منهاج حيّ لبناء عراق قوي، آمن، ومزدهر. وعلينا أن نغرس في أنفسنا قيم الحسين في الصدق، والإيثار، والتضحية، والفداء، والعدل، والبطولة، والإصلاح، فبها نحمي وطننا ونحوّل الأمن من شعار إلى واقع ملموس.
فبالحسين نستلهم طريق الكرامة، وبنهجه القويم نرسم ملامح مستقبل مشرق لعراقنا الحبيب.
الفريق الدكتور سعد معن الموسوي رئيس خلية الإعلام الأمني آب ٢٠٢٥م / صفر ١٤٤٧هـ
*
اضافة التعليق