بغداد- العراق اليوم:
أياد السماوي
( وهل المطلوب أن نخالف الدستور والقانون وقرار المحكمة الاتحادية حتى لا يحصل زلزال سياسي في البلد ؟ هذا غير مقبول ولا أسمح بهذا الحديث في مجلس الوزراء ، هنا الحديث بالقانون والدستور ) .. هكذا كان ردّ رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على وزير الخارجية عن الحزب الديمقراطي الكردستاني السيد فؤاد حسين في اجتماع مجلس الوزراء قبل أول الأمس ، حين هددّ السيد الوزير بانفعال الحكومة العراقية ورئيس مجلس الوزراء ، بأنّ زلزالا سياسيا سيضرب العملية السياسية إذا لم تحل قضية رواتب موظفي إقليم كردستان .. الجديد في هذا الأمر ليس الخلاف القائم بين بغداد وأربيل حول موضوع رواتب موظفي الإقليم ، فهذا موضوع يتعلّق يالأزمة المزمنة بين بغداد وأربيل حول تنفيذ القانون والدستور فيما يتعلّق بعدم تسليم واردات النفط والغاز والواردات الأخرى من الرسوم والضرائب وإيرادات المنافذ الحدودية إلى الحكومة الاتحادية في بغداد ومنذ أن تمّ الاعتراف بإقليم كردستان إقليما بحدوده التي حددتها الأمم المتحدّة والمتمّثلة بالخط الأزرق وأقرّها النظام الجديد في العراق بعد سقوط الديكتاتورية .. لكن الجديد في هذا الأمر هو تهديد الحزب الديمقراطي الكردستاني عبر وزيره في الحكومة السيد فؤاد حسين ، والذي تضمّن تهديدا صريحا للحكومة العراقية خارج عن السياقات القانونية والدستورية والسياسية ، فالمعروف عن السيد فؤاد حسين أنّه شخصية دبلوماسية ورزينة ، وليس من ذلك النوع المتهوّر الذي ينساق وراء المواقف غير المدروسة والمتهوّرة ، فحين يهدد السيد الوزير الحكومة التي هو جزء مهم فيها وبهذا الشكل الخارج عن السياقات ، فلا بدّ أن تكون الأمور قد وصلت إلى طريق مسدود بين بغداد وأربيل فيما يتعلّق بتنفيذ قانون الموازنة وقرار المحكمة الاتحادية العليا .. ويبدو أنّ التجاوب الكبير والمرونة التي أبداها دولة رئيس الوزراء من أجل دفع حكومة الإقليم بالالتزام بالقانون والدستور ، قد وصلت إلى طريق مسدود .. فحكومة الإقليم التي دأبت على عدم تسليم موارد الإقليم النفطية وغير النفطية ، بسبب تهاون وضعف الحكومات المركزية التي تعاقبت على حكم العراق بعد سقوط الديكتاتورية ، والسماح للإقليم يالتمرّد على الدستور والقانون ، هو السبب الذي جعل حكومة الإقليم التي يسيطر عليها عائلة السيد مسعود بارزاني وأبناءه تسير باتجاه عدم تنفيذ القانون والدستور والتمرّد عليه .. ويبدو من خلال الرّد الصاعق لدولة الرئيس محمد شياع السوداني أن عهد الابتزاز الذي مارسته حكومة الإقليم خلال هذه السنوات على الحكومة الاتحادية قد انتهى ، ولا بدّ للإقليم أن بسلّم كافة إيراداته النفطية وغير النفطية إلى الحكومة أسوة بمحافظة البصرة وباقي محافظات العراق التي تسلّم للحكومة الاتحادية كافة الموارد النفطية وغير النفطية .. وإن كان هنالك ثمة زلزال سياسي ينوي الحزب الديمقراطي الكردستاني القيام به ، فالعراقيون يدعوهم لا إلى الانسحاب من الحكومة ومجلس النواب فحسب ، بل سيكونون سعداء لو ذهبوا بأبعد من هذا وأعلنوا عن استقلال إقليمهم كدولة مستقلّة منفصلة عن العراق كما قرروا ذلك في استفتاءهم الذي أجروه عام 2017 ، لا الاختباء وراء هذه التهديدات الفارغة .. ولا سبيل أمام حكومة الإقليم سوى الانصياع للقانون والدستور وقرار المحكمة الاتحادية ، ومشروع الاتفاق الذي تقدّمت به الحكومة الاتحادية هو الحل الوحيد الذي ينسجم مع قانون الموازنة العامة وقرار المحكمة الاتحادية العليا ، فلا أموال ولا موازنة للإقليم من غير تنفيذ بنود الموازنة وقرار المحكمة الاتحادية العليا..
*
اضافة التعليق