بغداد- العراق اليوم:
منذ تولي محمد شياع السوداني رئاسة الحكومة العراقية في تشرين الأول/أكتوبر 2022، شهد قطاع الطاقة في العراق نقلة نوعية تمثلت بإطلاق وتنفيذ مشاريع استراتيجية كبرى في مجال تكرير النفط واستثمار الغاز المصاحب، تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي، وتحويل الثروة النفطية إلى محرك حقيقي للتنمية الاقتصادية والنهضة الصناعية.
آخر هذه الخطوات، جاء بإطلاق رئيس مجلس الوزراء، اليوم الإثنين، الأعمال التنفيذية لمشروع توسعة مصفى الديوانية، عبر دائرة تلفزيونية مباشرة، بإضافة وحدات تكريرية جديدة بطاقة 70 ألف برميل يوميا، لترتفع الطاقة الكلية للمصفى إلى 90 ألف برميل يوميًا، وبكلفة 800 مليون دولار.
السوداني أوضح أن المشروع يأتي ضمن رؤية الحكومة التي تستهدف تحويل 40% من النفط المنتج إلى صناعات تكريرية وتحويلية، ما يسهم في سدّ حاجة السوق المحلية والتوجه نحو التصدير لاحقا، خصوصاً مع قرب الانتهاء من مشاريع توسعة مماثلة في ميسان والنجف الأشرف.
كما شهدت الفترة الماضية دخول مصافٍ جديدة إلى الخدمة، في مقدمتها مصفى كربلاء الذي أُنجزت وحدته الثانية في تشرين الأول 2023، لترفع الطاقة التكريرية إلى 140 ألف برميل يوميا، ما جعل المشروع يمثل نقلة استراتيجية حقيقية باتجاه تحقيق الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية.
كما يجري العمل حالياً على توسعة مصفى النجف بإضافة طاقة إنتاجية قدرها 70 ألف برميل يوميا، في إطار رؤية متكاملة لتقليل الاستيراد وتحقيق الأمن الطاقي.
مصفى الديوانية
يحمل مشروع توسعة مصفى الديوانية خصوصية من نوع مختلف، إذ يعد من أكبر المشاريع التي يجري تنفيذها في محافظة الديوانية التي تفتقر إلى مشاريع نفطية ضخمة.
وستضاف ضمن المشروع وحدات إنتاجية جديدة تشمل تحسين البانزين، أزمرة وهدرجة النفثا، بالإضافة إلى إنشاء وحدات لمعالجة الغاز السائل بقدرة 180 طن يوميا، وإنشاء معمل لإنتاج النايتروجين ومحطات خزن وضخ وإنتاج كهرباء، مما يجعله مشروعاً متكاملا يحقق القيمة المضافة للثروة النفطية.
استثمار الغاز
في ملف استثمار الغاز المصاحب، أطلق السوداني خلال نيسان 2023 مشروعاً استراتيجيا في حقل الحلفاية بمحافظة ميسان بطاقة إنتاجية تبلغ 300 مليون قدم مكعب قياسي يوميا.
هذا المشروع ساهم بشكل فاعل في تقليص كميات الغاز المحروق، وتحويلها إلى طاقة مفيدة تدعم الاقتصاد المحلي وتقلل الاعتماد على الاستيراد، خاصة في توليد الطاقة الكهربائية. ضمن جهود الحكومة لتقليل نسب حرق الغاز المصاحب، شملت خطط السوداني إعادة تأهيل وتشغيل وحدات الغاز في حقول الرميلة ومجنون في محافظة البصرة.
وأسهمت هذه الخطوة في خفض نسبة الحرق إلى ما دون 50% في بعض الحقول، مقارنة بـ 70% قبل عام 2022، في مؤشر واضح على تحسن الأداء البيئي والاقتصادي لقطاع الغاز. وفي كلمته التي ألقاها خلال إطلاق مشروع مصفى الديوانية، شدد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على أهمية إشراك القطاع الخاص في تنفيذ المشاريع الستراتيجية، مشيرا إلى الثقة الكبيرة بالكفاءات الوطنية التي أثبتت جدارتها في مختلف الميادين.
كما أكد أن مشاريع التكرير تمثل مجالًا حيوياً لصقل خبرات الشباب وتحقيق أعلى عائد ممكن من الثروة الوطنية.
توجه الحكومة نحو التكرير لا يعكس فقط استراتيجية اقتصادية، بل هدفا وطنياً للتحرر من استيراد الوقود.
إذ أن العراق أنفق سابقاً ما يقارب 3 مليارات دولار سنوياً على استيراد المشتقات النفطية، وهو رقم مرشح للانخفاض الكبير مع دخول المشاريع الجديدة إلى الخدمة، خاصة مع قرب اكتمال خارطة التكرير والاستثمار التي تقودها الحكومة الحالية.
*
اضافة التعليق