بغداد- العراق اليوم:
افتتاحية جريدة الحقيقة
فالح حسون الدراجي
بين الحب والحرب ثمة مشتركات عديدة لا يمكن تجاوزها رغم اختلاف لون الحب الأبيض وجماله عن لون الحرب الأسود الفاجع. فمثلاً حين يخاطب الشاعر الكبير نزار قباني حبيبته بقوله: إختاري الحب.. أو اللاحب فجبنٌ ألا تختاري.. لا توجد منطقةٌ وسطى ما بين الجنة والنار.. فهو يضع هنا قانوناً أخلاقياً يمكن تطبيقه على جميع العشاق وليس على حبيبته فحسب، بل ويمكن جعله قانوناً أخلاقياً عاماً وشاملاً يطبق في كل ميادين الحياة بما في ذلك ميدان الحرب نفسه.. وعلى هذا الأساس، يجوز لي الانطلاق بهذه الرؤية من شرفة الحب والشعر المزهرتين، نحو شرفة الحرب التهديمية الدائرة اليوم بين إيران والكيان الصهيوني، ليس لأني شخص يتعاطى الشعر والحب مذ وعى الحياة و الدنيا، وأبصر الجمال فحسب، إنما أيضاً لأني ( إنسان)، له موقف، وقيم، ومبادئ، وضمير ناصع لايساوي بين الصهيونية والإنسانية أبداً، ولا يضع الحق والباطل في جهة واحدة مهما كانت قوة الضغوط، وفعل الدوافع.. لذلك، اختار ضميري موقف الحق، وحسم الأمر، منذ (الصاروخ) الأول الذي أطلقته طائرات ( نتنياهو ) على بيوت طهران الوديعة، ومنذ الاغتيال الأول الذي مارسته خلايا (الموساد) الخبيثة بحق شخصيات مهمة وفاعلة، وعلى مواطنين إيرانيين لا ناقة لبعضهم في السياسة والمناصب ولا جمل .. لقد حسمت أمري قلبياً وعقلياً وعملياً دون تردد، ومضيت أدافع بقوة عن (شعب ايران)، وأتصدى للعدوان الصهيوني بكل ما أمتلك من أسلحة إعلامية، ولم أنتظر أحداً يقودني إلى طريق الحق، أو مشورة أطلب فيها النصح من حكيم أو مجرب، فمثل هذه المواقف لا خيار فيها ولا مشورة قطعاً. وللحق، فأنا لا ادري كيف تجوز المقارنة والمخايرة بين الحق والباطل، أو بين الوقوف مع المعتدي والمعتدى عليه.. أو بين القبح والجمال، أي بين الإنسانية بكل بهائها ونبلها ونصاعتها وروعتها، مقارنة بالصهيونية بكل دمويتها، وثقل جرائمها، وتاريخها الملطخ بالقتل والنهب والاحتلال .. وطبعاً فإن الموقف ذاته اتخذته من العدوان الصهيوني على شعب غزة الأعزل، ومثلي هناك الملايين من الناس في العالم وقفوا ويقفون ذات موقفي الإنساني غير المسيس، بل هناك من تجاوزني بالتعبير عن موقفه الإنساني، فخرج شاهراً سيفه مقتدياً بأبي ذر الشاهر سيف الحق بوجه الباطل حتى اليوم الأخير من حياته الباسلة. وفي هذه الجزئية يجب أن نسجل بكل تقدير واحترام للحزب الشيوعي العراقي موقفه الشجاع الذي أدان فيه العدوان الصهيوني على طهران عبر بيان واضح، معلن لا لبس ولا تورية فيه. إن الذي جعلني أحيي الحزب الشيوعي العراقي، ليس لأنه حزب علماني، يساري، يتقاطع أيديولوجياً مع النظام الإيراني، بل ويختلف معه في الكثير من الرؤى والمواقف فحسب، إنما حييته لأنه أول حزب في العالم وليس في العراق والمنطقة فقط، يصدر بيان إدانة واضحاً وصريحاً لعدوان الكيان الصهيوني على إيران، وهو موقف صمتت عن إعلانه واتخاذه أحزاب ودول ومنظمات وقوى (إسلامية)، وغير إسلامية، والمصيبة أن بعضها كان يعيش على هبات ومساعدات حكومة ايران الإسلاميّة!. في الختام أقول لكل من لم يزل واقفاً على التل، ينتظر نتائج المعركة ليقول رأيه بعدها، ولكل من لم يزل يفكر بعقلية الثأر واستغلال الفرص الدموية، وسأقولها للعراقيين وللعرب ولكل المسلمين وغير المسلمين ، بل ولكل إنسان أينما كان، ومهما يكون، أقول له : كن يا أخي ضد إيران متى شئت، إلا اليوم.. إلا اليوم.. لأن معركة (اليوم) هي معركة فاصلة وحاسمة، فهي معركتك أنت مهما كان لونك ودينك وموقفك من نظام إيران الإسلامي .. هي معركة الإنسان ضد أعداء الإنسان، فلا تفوت الفرصة على ضميرك، وإنسانيتك، وعلى أبنائك وأحفادك ليفخروا بك.. وأمامك اليوم بيان الحزب الشيوعي العراقي المختلف مع النظام الإيراني من الألف إلى الياء، لكنه وقف إلى جانب الحق منذ الدقيقة الأولى، بل قبل الدقيقة الأولى .. كما أرجو منك أن لا تقف في وسط المعادلة، لأن طائرات المجرم نتنياهو لم تبقِ لك ولغيرك ( منطقة وسطى)!.
*
اضافة التعليق