لم يكن حفلاً لتوقيع كتاب، إنما كان تظاهرة وطنية وثقافية وشعبية

بغداد- العراق اليوم:

افتتاحية جريدة الحقيقة

فالح حسون الدراجي

أودّ أولاً أن أتقدم بأسمى عبارات الشكر والتقدير إلى جميع الأصدقاء والرفاق والأحبة الذين حضروا حفل توقيع كتابي (ماركس في مدينة الثورة)، وتحملوا شتى الصعوبات، بدءاً من صعوبة الوصول إلى القاعة، الى حرارة الجو، الى شدة الازدحام، وصعوبة الحصول على مقعد فارغ، أو حتى مكان لأقدامهم يمكن أن يقفوا فيه لمتابعة فقرات الحفل، إذ بقي المئات منهم يتزاحمون في الممرات، وعلى أبواب القاعة، بل وفي الشارع الرئيسي أيضاً. ويقال إن رجال الأمن اضطروا إلى قطع شارع الچوادر العام، وعدم السماح بمرور السيارات أو المرور باتجاه الطريق الفرعي المؤدي للقاعة..

وطبعاً فإني هنا لن أستطيع ذكر جميع أسماء هذا الحضور الكريم ، ليس لأن عددهم كبير جداً، ومساحة المقال لا تسعه فحسب، بل ولأن بينهم عشرات الأخوة من المحبين الذين حضروا إلى القاعة دون أن أحظى بشرف معرفتهم من قبل، فكيف سأعرف أسماءهم الكريمة إذا لم أتشرف بمعرفتهم سابقاً، ناهيك من أن عدداً كبيراً من الذين قدموا إلى الحفل لم يتمكنوا من دخول القاعة بسبب الازدحام، فظل بعضهم واقفاً خارج القاعة، وبعضهم عاد أدراجه مغادراً دون أن أراه أو يراني حتى ..!

إن هذا الحضور الكبير، وبمثل هذه الظروف والأوضاع، يمثل برأيي هبة قدرية، ومنحة تكريمية لا ينالها الكثير من الكتّاب والصحفيين ..

وعدا كلمات الشكر والاعتزاز التي أتوجه بها في هذا المقال، فإني أعتذر أيضاً إلى كل الأحبة الذين انتظروا مقالي هذا لأسبوع أو أكثر . كما أعتذر لمئات القرّاء الذين تأخرتُ بالرد على نبل مشاعرهم، وما كتبوه من كلمات ود وحب في تعليقاتهم على فيديو الحفل، أو في منشوراتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعذري بتأخري انه جاء بسبب انشغالي بسفري للولايات المتحدة الذي تم بعد يوم واحد من إقامة الحفل، والذي تزامن مع أيام عيد الأضحى والتزامات العيد.

وليس سِراً أكشفه حين أقول إن ثمة حشداً من الأصدقاء سألني عن سبب إقامة الحفل في مدينة الثورة وليس في إحدى مناطق بغداد الراقية، بخاصة وأن هناك أكثر من اتحاد ونادٍ ومنتدى وجمعية ثقافية وسياسية في بغداد مستعدة لإقامة الحفل لديها.. وأنا أعترف وأقول هنا إن الفضل في اختيار مدينة الثورة يعود إلى الصديق العزيز زيدان خلف ابو خلود، الذي اقترح أن يكون حفل توقيع كتاب ( ماركس في مدينة الثورة ) في إحدى قاعات المدينة، وليس في قاعات غيرها، وقد أيّد الصديقان الدكتور جاسم الحلفي والروائي عبد الستار البيضاني هذه الفكرة، التي نالت إعجابي أصلاً، فأخذت بالمقترح دون تردد، وقد ساهم في إقراره وتثبيته عندي أيضاً، أن اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي تكفلت بإقامته، وتوفير كل أسباب نجاحه، وهذا ما حصل فعلاً، إذ بذلت محلية الحزب في ( الثورة )، لاسيما رئيسها الرفيق وجيه جبار داغر، والرفيق عادل گاطع، وبقية الرفاق، جهوداً كبيرة وسريعة من أجل إنجاح هذه الفعالية الثقافية .. ولا أخفي على القارئ العزيز أن قراري بإقامة الحفل في مدينة الثورة - الصدر - قد أثار استغراب، واعتراض بعض الأصدقاء لأسباب نعرفها جميعاً، لكن أغلبهم عدل موقفه، وسحب اعتراضه، بعد أن رَأَى بأمّ عينه نجاح الفعالية، واحتفاء المدينة وأبنائها بالكتاب ومؤلفه، بعد أن تلمس الجميع  وتحسس بنفسه روعة وحسن استقبال ضيوف الحفل وتكريمهم.

لقد كان الحضور وطنياً ثقافياً عاماً بكل امتياز، ولم يكن ذا لون واحد كما كان يظن ويعتقد البعض ..!

فمثلاً كان من بين حضور حفل توقيع الكتاب، نجل الشهيد الشيوعي الفذ بشار رشيد، ومعه جلس نجل الشهيد ( الصدري ) البطل علي الكعبي، وبينهما جلس والد شهيد ( العصائب ) الشاعر علي رشم.. وهكذا يجتمع في قاعة واحدة، وحفل واحد : شيوعي وصدري وبطل من أبطال عصائب أهل الحق .. وفي جهة أخرى من القاعة ذاتها، يجلس عدد من أبناء وآباء وأشقاء شهداء ومبدعين راحلين خصهم كتابي بموضوعات وحكايات وقصص تؤرخ وتوثق بطولاتهم ونضالاتهم، ومن بين هؤلاء حضر الصديق غالب جاسم نجل المناضل الكبير الراحل جاسم عودة، والأستاذ إحسان شمران نجل المناضل والكاتب الكبير الراحل شمران الياسري ،والعزيز وسام كاظم نجل الشاعر الفذ كاظم إسماعيل الگاطع  وعلي إسماعيل نجل المناضل الكبير إسماعيل البهادلي، والعميد علي حبيب نجل السيد حبيب العلاق المدرب والمربي الرياضي المعروف، والمناضل شاكر حمادي شقيق الشهيد الفذ خالد حمادي، ورحيم السيد ( كاووش ) شقيق الشهيد كريم السيد .. ومن سامراء جاء حسام حامد نجل الشهيد البطل العقيد حامد عبد الكريم السامرائي، ومعه ابنه الملازم جهاد حسام حامد عبد الكريم، كما حضرت صمود علي ابنة البطل العالمي الراحل علي الگيار، وميديا محسن ابنة الفنان الكبير الراحل محسن فرحان، و الإعلامي حامد حسن نجل بطل العراق بالملاكمة، المناضل الراحل حسن بنيان، والكاتب والمسرحي رحيم العراقي شقيق الشاعر الكبير الراحل كريم العراقي، وحضر كذلك علي سمير نجل الشاعر الكبير الراحل سمير صبيح.. وفي زاوية من القاعة جلس حشد من المناضلين الشيوعيين القدامى أمثال كاظم مهلهل ( أبو ثائر)، وسيد محمد ( أبو جاسم)، وصباح فنجان أبو فرات، والمناضل عادل گاطع والمناضل زيدان خلف أبو خلود والمناضل والصحفي الرياضي منعم جابر، والمناضل القاص داود سالم، والمناضلة شميران مروكي رئيسة رابطة المرأة العراقية وغيرهم من المناضلين الذين أكل الشيب شعر رؤوسهم، وأحنى الزمن ظهورهم، لكنه لم يحنِ رؤوسهم العالية قط.. وفي الحفل رأينا كوكبة من نجوم الرياضة، يتقدمهم نجم النجوم فلاح حسن، وهداف منتخب العراق كريم صدام، ولاعب المنتخب محمد خلف وشقيقه هادي خلف الخطاط، ولاعب الصناعة كريم زامل، ولاعب نادي صلاح الدين رحيم فريح وهداف اتحاد فيوري التاريخيّ العميد المتقاعد ضامن قاسم، ومدرب فريق قوات نصر كاظم صدام ونجم الشاشة الرياضية لعقود عدة حسام حسن الذي يشغل اليوم منصب مدير عام العلاقات والإعلام في وزارة الرياضة والشباب، والرياضي البارز سمير الموسوي رئيس اتحاد الجودو العراقي، والخبير الرياضي جزائر السهلاني المدير التنفيذي السابق للجنة الاولمبية العراقية، والرياضي كاظم جوية، والكابتن كريم العراقي ومجموعته الطيبة من أعضاء  گروب (السليمانية تجمعنا) وأسماء لامعة من جمهور الرياضة.

وحين نتحدث عن تنوع الحضور يتوجب علينا ذكر الشعراء والأدباء والفنانين الذين يصعب علينا هنا حصرهم، بدءاً من الشاعر الكبير حميد قاسم الذي شرّفني بشهادة واستذكار ممتعين عن نشأتنا الشعرية وبداياتنا السياسية المبكرة، مروراً بالروائي الكبير عبد الستار البيضاني الذي شرّف كتابي بتجميل غلافه الأخير بكلمات أحلى من العسل، وشرّفني كذلك بشهادة معطرة بأريج المحبة والعلاقة الطيبة التي تربطني به منذ عشرات السنين.. والدكتور جمال العتابي الروائي المبدع والصديق العذب، وشقيقه الجميل فلاح الخطاط الذي صمم غلاف الكتاب، وشرّفني بحديث وشهادة منصفة ألقاها في حفل التوقيع والفنان التشكيلي أحمد الماجد الذي رسم لوحة وضعت في إحدى صفحات الكتاب، وليس انتهاءً بالشاعر جبار فرحان رئيس اتحاد الشعراء الشعبيين العرب والشاعر المبدع عباس عبد الحسن الذي ألقى قصيدة جميلة في حفل التوقيع، والشاعر حمزة الحلفي الذي ألقى هو الآخر قصيدة مضيئة بقناديل محبته للشاعر الكبير مظفر النواب.. والشاعر الدكتور علي عبد الحمزة والشاعر الغنائي عباس دلفي والشاعر الأحب رياض الركابي الذي شرّفني بقصيدة كتبها عني وقد قرأها في حفل التوقيع أيضاً، فضلاً عن عرافة الحفل التي أبدع وأجاد كثيراً فيها ..

ولا ننسى حضور الصحفي والكاتب المميز زيدان الربيعي الذي كتب مقالاً رائعاً ونشره بعد انتهاء الحفل مباشرة، وكذلك صديق العمر الكاتب محمد مؤنس، وصديق عمري الآخر اللاعب السابق فاضل عبود والكاتب الوطني الشجاع حسن يونس العقابي، وحضر الصحفي الرياضي رحيم كامل الدراجي، والزميل الصحفي والكاتب حسين الذكر والمصور المبدع حسين فاخر الدراجي، والمصور الكبير كريم العبودي، والفنان المميز بألحانه وأعماله الغنائية الباهرة قاسم ماجد، والصوت الغنائي العذب سعد عبد الحسين، والشعراء الأحبة جبار الفرطوسي وجبار صدام وماجد عودة ويونس جلوب وجابر السوداني و حليم الزيدي وعبد الله السوداني والصديق العزيز صادق العتابي الذي ترك مقعده للنجم فلاح حسن وظل واقفاً طيلة الحفل والصديق حسن حاشوش وغيرهم من الأحبة والأصحاب المبدعين.

ويسعدني أن أمرّ بالذكر على زهور الاحتفال وعطره الفواح المتمثل بالمناضلات التقدميات نضال توما وإيمان كبوتا وبشرى المحنة، وسمية أم أصيل وإخلاص حميد وغيرهن من العزيزات الرائعات ..

والآن دعونا نمرّ على الصف الأول الذي جلس فيه وزير الداخلية السابق ورئيس أركان الجيش العراقي الأسبق الفريق أول ركن عثمان الغانمي .. لقد ترك أبو زينب أشغاله وحضر حفل توقيع كتابي، وهذا لعمري دين يظل في عنقي إلى آخر يوم في حياتي .. كما جلس في الصف ذاته بطل تحرير الموصل وابن مدينتنا البار الفريق أول ركن عبد الوهاب الساعدي رئيس جهاز مكافحة الارهاب السابق، وقد سبقه في الحضور الفريق الركن أحمد الساعدي أحد أبطال العراق في مواجهة الارهاب ودحره، والرجل الذي قاد عدة فرق وألوية في الجيش العراقي.. كما جلس إلى جانبهم الزميل مؤيد اللامي نقيب الصحفيين العراقيين ورئيس اتحاد الصحفيين العرب، الذي كرّمنا بحضوره المضيء، والمشع بحبه لزملائه وأصحابه الصحفيين دون استثناء .. كما جلس في الصف ذاته الدكتور جاسم الحلفي عضو المكتب السياسي السابق للحزب الشيوعي العراقي، والناشط المدني الشجاع، والكاتب الذي لم يكتفِ بكتابة مقدمة كتابي ولا بشهادته المميزة والناصعة التي ألقاها في حفل التوقيع، إنما أفاض بكرمه حين دعاني بعد انتهاء الحفل إلى وليمة في بيته العامر مع الأحبة الغالين عبد الستار البيضاني وحميد قاسم وحمزة الحلفي وعباس غيلان لتناول نخب توقيع الكتاب معه، في الوقت ذاته الذي كان يعدّ فيه حقيبة سفره إلى حيث تقيم عائلته الكريمة.. كما حضر إلى قامة الحفل أيضاً الفريق الركن محمد المگصوصي أحد المقاتلين الشجعان في جيش العراق البطل.

والآن أسألكم: هل نسيتُ اسماً حضر ولم أذكره في هذا المقال؟

والجواب : نعم نعم دون شك، لقد نسيت عشرات الأسماء الحبيبة .. ولكنّ عزائي الوحيد أننا جميعاً ننسى، لاسيما حين تعبر أعمارنا الخمسين والستين وتشيخ ذاكراتنا.. فضلاً عن أن الحفل لم يكن حفل توقيع كتاب إنما كان عرساً شعبياً حضره حوالي ألف شخص حسب ما ذكره المشرفون على الاحتفال.. واستذكار ألف اسم أشبه بالمستحيل .. إنه استفتاء علني على مبادئ الكتاب الوطنية والتقدمية، وعلى مصداقية الكاتب وشعبيته وقيمه وعلاقاته الفكرية والثقافية والاجتماعية بالناس..

وفي الختام، يجدر بي أن أشكر السيد حسام الجزائري مدير مديرية شباب مدينة الصدر، الذي وافق على إقامة الحفل في قاعة المديرية بدون أن يسألني سؤالاً واحداً عن نوع الحفل وعنوان الكتاب، وهكذا هم المؤهلون الواثقون بأنفسهم وبالآخرين.. 

كما أشكر محلية الثورة برئيسها وكادرها وجمهورها المناضل..

وأشكر رجال الشرطة الشجعان الذين حرسوا القاعة والحاضرين وأداروا أمنها بيسر وصمت وهدوء.

كما أشكر جميع كادر جريدة الحقيقة بدءاً من مدير التحرير الشاعر المبدع عدنان الفضلي، وسكرتير التحرير النشيط علاء الماجد، ومسؤول القسم الرياضي قاسم حسون الدراجي، والكاتب والناقد الفني الجميل رحيم يوسف والمبدع الشامل رحيم العراقي، والمصمم الباهر سامر أحمد، وزميله المصمم والشاعر عقيل الدراجي، والمصحح القدير أحمد الساعدي، ومدير الجريدة التنفيذي عباس غيلان، والصديق صباح الخطاط، فقد كان هؤلاء الزملاء شموعاً أضاءت الحفل، وأشكر كذلك جميع أفراد أسرتي سواءً أشقائي أو أبناء شقيقاتي وأبناء أشقائي وبقية أهلي الذين كانوا جنوداً مجهولين لم يتوقف لهم ساعد، ولم يهدأ لهم خاطر حتى نهاية الحفل بسلام .. 

لقد كان حفلنا حفلاً استثنائياً لم يسبقه حفل لتوقيع كتاب كما قال لي الدكتور جمال العتابي والدكتور جاسم الحلفي وغيرهما ..

وهنا بقي سؤال واحد أردت طرحه في نهاية المقال ليكون مسك ختامه فواحاً، والسؤال: أين هي قيادة الحزب الشيوعي من هذا الاحتفال ؟!

والجواب: لقد كانت قيادة الحزب حاضرة وسط الجماهير كعادتها .. وأقسم أن الرفيق رائد فهمي سكرتير الحزب كان أول شخص يحضر إلى قاعة الحفل، لكنه فضل الجلوس في أواخر الصفوف الحاضرة، بعد أن قدم لي بعض الملاحظات الضرورية، نعم لقد مضى أبو رواء إلى الصفوف الأخيرة ليجلس فيها بكل تواضع - وهو الوزير والشخصية النضالية الأممية المعروفة .. كما حضر وجلس معه في الصفوف الخلفية ذاتها، عضوا المكتب السياسي للحزب الشيوعي عزت ابو التمن وفاروق فياض، ومعهما كان عضوا اللجنة المركزية للحزب وسام الخزعلي وحسين علاوي .. كما حضر ايضاً العديد من كوادر الحزب المتقدمة بشقيها النسوي والشبابي، إضافة إلى بعض شخصيات التيار الصدري وأشخاص ينتمون للتيار المدني ..

ألم أقل لكم إن حفلنا لم يكن حفل توقيع كتاب، إنما كان عرساً وطنياً وشعبياً حقيقياً، والجميل في الأمر أنه جاء في وقته تماماً .. لذلك نجح نجاحاً شعبياً كبيراً وباهرا ..

علق هنا