عرس الدراجي فالح.. غير مسبوق

بغداد- العراق اليوم:

كتب / زيدان الربيعي

طيلة متابعتي للنشاطات الثقافية والفنية التي تقام في بغداد، لم أجد حضوراً كبيراً جداً وبهيجاً ونوعياً مثل الحضور الذي حظي به الشاعر والإعلامي والرياضي الكبير الأستاذ فالح حسون الدراجي في حفل توقيع كتابه الموسوم "ماركس في مدينة الثورة.. مقالات وحكايات عن مدينة النجوم رغم ظلمة الأزمان" الذي أقيم، أمس، على قاعة شباب مدينة الصدر في العاصمة بغداد.

حيث تولت اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في مدينة الثورة، تنظيم حفل توقيع الكتاب المذكور.

الكتاب مهم جداً، لأنه يؤرخ على شكل مقالات كتبها الدراجي في سنوات خلت عن شخصيات ومواقف مهمة في مدينة الثورة، المدينة التي نشأ فيها وترعرع داخل قطاعاتها، وأنا شخصياً كنت قد أطلعت على معظم تلك المقالات، لأن الدراجي يحرص بشكل دائماً على إرسالها لي بشكل يومي تقريباً، إذ أجد في تلك المقالات الحكاية الحزينة التي يجعلها الدراجي بقلمه الرشيق وحرفيته المميزة جميلة ومثيرة، فضلاً عن اللغة الشفافة التي يكتبها بها الدراجي، التي تجعل المتلقي يقرأ المقال من البداية حتى النهاية، برغم أن قراء الزمن الحالي أغلبهم أصبحوا قراء "بوستات" قصيرة.

بعيداً عن الكتاب وما احتواه من مضامين مهمة بكل تأكيد، لكني اقترب من الاحتفال الذي كان أشبه بالمهرجان أو عرس كبير لشخصية لها نفوذ هائل في المجتمع، فلم تكن القاعة قادرة على استيعاب ضيوف الدراجي، ليضطر الكثير منهم متابعة الحفل وقوفاً عن قناعة وليس أمراً من أحد، وبعد أن امتلأت القاعة بالضيوف اضطر الكثير منهم إلى الجلوس في الممرات لمتابعة ما يحصل في داخل تلك القاعة، علماً أن واجبات الضيافة لجميع الضيوف كانت مميزة، وهذا الأمر يحسب للدراجي وللقائمين على الاحتفال.

لم يمتلك الدراجي السلطة، ولم يقم بتوزيع المال حتى يحظى بهذا الحضور الكبير جداً، بل امتلك المحبة التي زرعها طيلة العقود الماضية في نفوس العراقيين، وعندما جاء وقت الحصاد كان بيدر الدراجي من ذلك الزرع الجميل كبير جداً، حيث توجه محبوه لتلك القاعة من أجل مشاركته في يوم "عرسه الكبير"، ليشكل حفل توقيعه لكتابه سابقة رائعة جداً، قد تجعل الكثيرين ممن يرومون توقيع كتبهم في المستقبل بموقف حرج من ناحية الحضور الكمي والنوعي في آن واحد. حتى أن الشارعين الرئيسيان المجاوران لقاعة شباب مدينة الصدر ذهاباً وإياباً لم يستطيعا احتواء سيارات الضيوف، وأنا شخصياً تركت سيارتي على مسافة أكثر من ألفي متر، ثم توجهت سيراً على الأقدام لكي أشارك الدراجي في عرسه الكبير والمميز.

لقد تفحصت الوجوه الحاضرة، فوجدت العراق كله قد حضر في داخل القاعة ليشارك الدراجي فرحته بتوقيع كتابه الموسوم، لكن ما أحزنني هو غياب شخصين كانا يكنان كل الحب والاحترام للدراجي، وهما المطرب المرحوم د. جواد محسن، والشخصية الوطنية الاجتماعية الرائعة جداً، المرحوم أبو علي الوحيلي، فهما وأن غيبهما الموت عن مشاركة الدراجي فرحته الكبيرة، إلا أنهما كانا في غاية البهجة والسرور لفرح الدراجي وهما في قبريهما.

أجدد التهاني والتبريكات للأستاذ والأخ والصديق العزيز جداً فالح حسون الدراجي، وأتمنى له المزيد من النجاحات والتألق.

علق هنا