بغداد- العراق اليوم:
في المشهد السياسي العراقي اليوم، يطرح المراقبون سؤالاً جوهرياً لا يمكن تجاهله: هل كانت القوى السياسية الشيعية ستجرؤ على سلب حق كتلة الإعمار والتنمية برئاسة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لو كان يمتلك ذراعاً عسكرية ( فصيلاً مسلحاً) يحمي مشروعه السياسي؟ وهل كانت ستذهب إلى هذا الحد من التعنت السياسي والتجاوز على نتائج الانتخابات، ومصادرة حق الكتلة الاكبر عدداً داخل البرلمان وداخل الإطار التنسيقي نفسه؟
هذه الأسئلة التي يتداولها الشارع العراقي، لا تأتي من فراغ، بل من واقع سياسي بات واضحاً للجميع، حيث يتم تجاوز ارادة الناخب، والالتفاف على نتائج الصندوق، وكأن العملية الديمقراطية مجرد تفصيل يمكن تجاوزه متى ما تعارض مع مصالح قوى بعينها. اللافت في المشهد ان السوداني، وهو رئيس وزراء يمتلك الشرعية الدستورية ويقف على رأس السلطة التنفيذية، كان قادراً من الناحية الواقعية على ان يسلك الطريق الذي سلكته قوى اخرى، وان يؤسس له فصيلا مسلحاً يحمي منجزه السياسي ويمنع الالتفاف عليه، وفقاً لمنطق السلاح الذي بات سائداً في الحياة السياسية. لكن الرجل اختار طريقاً مختلفا، طريق الدولة والقانون والشرعية، ورفض الانزلاق الى منطق الغلبة والقوة، رغم معرفته المسبقة بحجم المخاطر التي تترتب على هذا الخيار.
إن هذا الموقف السليم، الذي يفترض ان يحسب له، تحول اليوم الى نقطة ضعف تستغلها بعض القوى، في محاولة مكشوفة لإعادة رسم المشهد السياسي بعيداً عن قواعد الديمقراطية، وبعيداً عن احترام اصوات الناخبين. فما يجري في بغداد لم يعد مجرد خلاف سياسي طبيعي، بل بات سلوكاً مقلقا يحمل في طياته ملامح انقلاب ناعم على الشرعية الشعبية، وقد يشجع السوداني وغيره نحو (الطريق) الذي إنتهجه غيره للأسف الشديد، رغم إننا مؤمنون تمام الإيمان إن رجلاً مثل محمد شياع السوداني لن يمضي في هذا الطريق - الوعر - مهما تعرض إلى الظلم ومهما كانت الأحوال والظروف التي تنتج عن سلوك الإطار.. بل إننا نجزم أن الرجل لن يفكر بمثل هذا التفكير وهو الذي يملك مشروعا سياسياً باهراً، وبرنامج دولة مكتملاً، فصاحب المشروع والبرنامج المدني لن تغريه مكاسب العنف والسلاح مهما كانت ثمينة وعالية.. لكننا هنا نطرح سؤالاً على قادة الإطار.. سؤال فحسب مفاده: هل ستتنكرون لحقوق السوداني وإئتلافه لو كان لديه فصيل مسلح، وهل ستصادرون إرادة الدستور والشعب كما تصادرونها هذه الأيام.
ان ما يحدث اليوم للأسف يمثل اختبارا حقيقياً لفكرة الدولة في العراق. فإما ان تكون هناك دولة تحترم نتائج الانتخابات وتحتكم الى الدستور، او ان يبقى المشهد خاضعاً لمنطق القوة والضغط السياسي.
والسكوت عن هذا المسار لا يعني سوى تكريسه، وفتح الباب امام مرحلة اخطر، يكون فيها صوت الناخب بلا قيمة، وتتحول العملية السياسية الى مجرد واجهة شكلية.
ختاماً تقول: إن ما يجري اليوم معيب ومخز، ولا يجوز التعامل معه كحدث عابر او خلاف عادي داخل البيت السياسي. انه مساس مباشر بجوهر الديمقراطية، وتحد صارخ لفكرة الدولة، ورسالة سلبية لكل من آمن بأن صناديق الإقتراع يمكن ان تكون طريقاً حقيقياً للتغيير.
ويبقى السؤال مفتوحا امام الجميع: هل يراد للعراق ان يحكم بمنطق الدولة ام بمنطق القوة؟ والاجابة، مهما حاول البعض تأجيلها، باتت تفرض نفسها بقوة الواقع.
*
اضافة التعليق
العراق اليوم يكشف أسماء المرشحين لشغل رئاسة مجلس النواب
البطريرك لويس ساكو يوجه رسالة للصدر بشأن "التطبيع"
العراق اليوم يكشف أسماء المتنافسين على منصب النائب الأول لرئيس البرلمان
معهد أمريكي يؤكد سعي الإطار التنسيقي لتقليص صلاحيات رئيس الوزراء وتحويله لمنصب تنفيذي
مجلس البصرة يحدد الإثنين المقبل موعداً للتصويت على الإقليم
نائب سابق : المبعوث الأمريكي لن يغير خارطة طريق اخراج العراق من الازمات