السوداني يؤكد: المكون المسيحي جزء أصيل من هوية العراق و«ملح الأرض» في نسيجه الوطني

بغداد- العراق اليوم:

كتب محرر ( العراق اليوم):

في أكثر من مناسبة رسمية وشعبية، يؤكد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني على أن المكون المسيحي يمثل ركناً أساسياً من أركان المجتمع العراقي، وجزءاً أصيلاً من تاريخه وهويته الوطنية، مشدداً على أن وجوده ليس طارئاً ولا هامشياً، بل هو امتداد حضاري وثقافي عميق أسهم ويسهم في بناء الدولة العراقية وصياغة ملامحها الاجتماعية والإنسانية عبر قرون طويلة لذلك يحرص السوداني في خطاباته ومواقفه على التأكيد بأن المسيحيين يشكلون مع باقي المكونات فسيفساء عراقية متكاملة، يتعايش فيها التنوع الديني والثقافي بوصفه مصدر قوة لا نقطة خلاف.

ومنذ تسلمه رئاسة الحكومة، عمل السوداني على تثبيت معادلة واضحة تقوم على ضمان الحقوق الكاملة للمكون المسيحي، لا بوصفه أقلية تحتاج إلى حماية مؤقتة، بل كمكون وطني أصيل له ما لغيره من حقوق وعليه ما عليه من واجبات. 

وقد تجلى هذا التوجه في سلسلة من الإجراءات والسياسات التي هدفت إلى إعادة الثقة، وتعزيز الشعور بالانتماء، وتهيئة الظروف المناسبة لعودة أبناء هذا المكون إلى مناطقهم الأصلية بعد سنوات من التهجير والمعاناة.

وفي هذا السياق، أولت الحكومة اهتماماً خاصاً بملف العودة الطوعية للمسيحيين المغتربين، حيث تم تسهيل الإجراءات الإدارية والقانونية التي تعيق عودتهم، والعمل على تذليل العقبات أمام الراغبين بالاستقرار مجدداً في وطنهم. كما جرى تبسيط معاملات إصدار الوثائق الرسمية عبر السفارات والقنصليات العراقية في الخارج، بما يضمن الحفاظ على الحقوق القانونية للمواطنين المسيحيين أينما وجدوا، ويشجعهم على إعادة الارتباط بالدولة ومؤسساتها.

ولم يقتصر اهتمام رئيس الحكومة على الجانب الإداري فحسب، بل شمل أيضاً استعادة الكفاءات المسيحية وإعادة دمجها في مؤسسات الدولة، لا سيما في الجامعات والقطاعات العلمية والثقافية، إيماناً بأن العراق لا يمكن أن ينهض دون الاستفادة من جميع طاقاته البشرية، وأن التنوع هو رافعة حقيقية للتقدم لا عبئاً عليه. 

وقد شهدت الفترة الماضية عودة عدد من الكفاءات للمشاركة في العمل الأكاديمي والمؤسسي، في خطوة تعكس جدية التوجه الحكومي نحو استثمار العقول الوطنية دون تمييز.

وفي الإطار ذاته، أولت حكومة السوداني اهتماماً خاصاً بإعادة إعمار وتأهيل مناطق سهل نينوى والمناطق ذات الغالبية المسيحية، عبر إطلاق برامج لإعادة الإعمار، وتحسين البنى التحتية، وتوفير الخدمات الأساسية، بما يضمن عودة الحياة الطبيعية لهذه المناطق، ويعزز الاستقرار الاجتماعي والأمني فيها بعد سنوات من الدمار الذي خلفته العمليات الإرهابية.

وجاءت مشاركة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في أحد القداديس الدينية لتؤكد هذا النهج بشكل عملي ورسمي، حيث شدد خلال كلمته على أن المكون المسيحي هو “ملح الأرض”، في إشارة واضحة إلى دوره التاريخي والروحي والإنساني في بناء العراق، مؤكداً أن الدولة ماضية في حماية التنوع وصيانة التعايش، وأن لا مكان للإقصاء أو التهميش في عراق اليوم.

ويعكس هذا الموقف رسالة سياسية واجتماعية واضحة مفادها أن الحكومة العراقية تنظر إلى التنوع الديني بوصفه عنصر قوة ووحدة، لا سبباً للانقسام، وأن حماية حقوق المسيحيين هي جزء من حماية هوية العراق الجامعة.

 كما يؤكد أن مشروع الدولة الذي يعمل عليه السوداني يقوم على ترسيخ المواطنة، وتعزيز الثقة بين الدولة ومواطنيها، وضمان أن يكون العراق وطناً آمناً لجميع أبنائه دون استثناء.

وبذلك، يمكن القول إن سياسة الحكومة تجاه المكون المسيحي لم تعد مجرد تصريحات، بل تحولت إلى خطوات عملية وبرامج واقعية تهدف إلى إعادة الاعتبار لهذا المكون الأصيل، وترسيخ حضوره في المشهد الوطني، بما ينسجم مع رؤية دولة مدنية عادلة، تحتضن جميع أبنائها وتعتز بتنوعهم بوصفه ثروة وطنية لا تقدر بثمن.