فوز ساحق وسط الاحتجاجات.. من هي سامية صولحو حسن رئيسة تنزانيا؟

بغداد- العراق اليوم:

أظهرت النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية في تنزانيا فوز سامية صولحو حسن بنسبة 97.66% من الأصوات، وهيمنت على جميع الدوائر الانتخابية، وفق إعلان اللجنة الانتخابية على التلفزيون الرسمي. 

ومن المقرر أن يقام حفل أداء اليمين الدستورية السريع اليوم السبت، لتبدأ فترة رئاسية جديدة.

لكن هذه الانتخابات لم تخلُ من الجدل؛ إذ اندلعت احتجاجات واسعة منذ يوم الاقتراع، حيث خرجت الحشود إلى الشوارع في مختلف المدن، مزقت الملصقات الانتخابية وهاجمت الشرطة ومراكز الاقتراع؛ ما اضطر الحكومة إلى إغلاق الإنترنت وفرض حظر تجول، بحسب "فرانس برس".

ووفق حزب المعارضة الرئيس، تشاديما، قتل نحو 700 شخص خلال الاحتجاجات، بينما تشير جماعات حقوق الإنسان إلى موجة من الانتهاكات شملت عمليات اختطاف بارزة وقيودا على حرية المعارضة؛ وقد تم منع حزب تشاديما من المشاركة في الانتخابات، وتمت محاكمة زعيمه بتهمة الخيانة.

تولت سامية حسن الرئاسة بعد وفاة مفاجئة لسلفها، جون ماجوفولي، في مارس 2021، لتصبح أول امرأة تتولى هذا المنصب في تنزانيا وأول رئيسة مولودة في زنجبار. 

كانت حسن شغلت منصب نائب الرئيس منذ عام 2015، وكانت أول امرأة تتبوأ هذا المنصب، لتثبت نفسها كقوة سياسية مستقرة داخل حزب Chama Cha Mapinduzi (CCM) الحاكم. 

وقد واجهت منذ توليها الرئاسة معارضة من بعض أجزاء الجيش وحلفاء ماجوفولي، لكنها تمكنت من تعزيز موقفها السياسي من خلال تحقيق هذا الفوز الساحق في الانتخابات.

ولدت سامية في 27 يناير 1960 في جزيرة زنجبار، وبدأت مسيرتها المهنية في العمل الحكومي قبل أن تنتقل للعمل في برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة. 

وعادت لاحقا إلى الحكومة في زنجبار، حيث شغلت عدة مناصب ركزت فيها على التنمية والشباب والمرأة؛ ما أكسبها خبرة طويلة في الإدارة والقيادة.

على الصعيد الاقتصادي، أطلقت حسن مجموعة من السياسات التنموية ضمن رؤية "تنزانيا 2050"، بهدف تحويل الاقتصاد الوطني إلى اقتصاد متنوع بقيمة تريليون دولار، وتعزيز دور القطاع الخاص، وزيادة فرص العمل، وتحسين البنية التحتية. 

وشهدت البلاد نموا ملموسا في الناتج المحلي الإجمالي، حيث ارتفع من نحو 156.4 تريليون شلن في 2021 إلى نحو 205.84 تريليون شلن في 2024، مع توقع نمو بنسبة 6% في 2025. 

كما أطلقت مشاريع ضخمة في النقل واللوجستيات، مثل خدمة السكك الحديدية القياسية بين دار السلام وودوما، وميناء جاف، ومنطقة صناعية من المتوقع أن توفر حوالي 200 ألف وظيفة.

وعلى الرغم من هذه الإنجازات، يواجه حكمها تحديات كبيرة تتعلق بحرية الصحافة والمناخ السياسي؛ إذ يتهم المعارضون وحركات حقوق الإنسان الحكومة باللجوء إلى القمع والاعتقالات لضمان السيطرة على المشهد السياسي؛ وهو ما يثير تساؤلات حول مدى التوازن بين التنمية والحقوق الديمقراطية.

من الناحية الرمزية، تعتبر ساميا نموذجا نادرا للقيادة النسائية في منطقة شرق أفريقيا؛ ما يمنح دفعة قوية لقضايا مشاركة المرأة في السياسة. 

أما اقتصاديا، فإن سياستها التي تركز على البنية التحتية والاستثمار الأجنبي قد تعزز مكانة تنزانيا الإقليمية وتسرع من نموها. غير أن التحدي الأكبر أمامها يبقى إيجاد توازن بين السلطة والتنمية من جهة، وحماية الحريات والديمقراطية من جهة أخرى؛ إذ سيحدد ذلك مستقبل البلاد على المستويين الداخلي والإقليمي.

تقف سامية اليوم عند مفترق طرق؛ فهي تجمع بين إرث الرئيس المتوفى، وطموح لإصلاح الاقتصاد، وضغوط داخلية ودولية متزايدة على المسائل الديمقراطية؛ وكيفية إدارة هذا التوازن ستكون مؤشرا رئيسا على قدرة قيادتها على تشكيل مستقبل تنزانيا، ليس فقط كدولة نامية، بل كقوة إقليمية مؤثرة في شرق أفريقيا.