معركة الأساطير.. هل قرر نجوم إنجلترا الانتقام من محمد صلاح؟

بغداد- العراق اليوم:

لماذا يبدو أساطير مانشستر يونايتد، وتحديدًا جيل العظماء متمثلًا في بول سكولز، غاري نيفيل، وحتى واين روني، هم أصحاب النقد الأكثر قسوة وهجومية تجاه الأيقونة المصرية محمد صلاح؟ هل هي مجرد ملاحظات فنية بحتة من خبراء مارسوا اللعبة على أعلى مستوى؟ أو أننا نشهد فصولًا من "غيرة تاريخية" ممنهجة ضد أسطورة النادي الغريم، الرجل الذي حطم أرقامهم، وهدد مكانتهم، وجعل من ملعب "أولد ترافورد" مسرحًا خاصًّا لإبداعاته؟

نقد فني أم تقليل متعمد؟

لفهم هذا التساؤل، يجب أولًا الاعتراف بالواجهة، هؤلاء اللاعبون يعملون كمحللين، وظيفتهم هي رصد الأداء. صلاح، كأي مهاجم، يمر بفترات تذبذب، وقد يُتهم أحيانًا بالأنانية أمام المرمى أو إضاعة الفرص. هذا النقد الفني مشروع ومقبول.

لكن القصة لا تتوقف عند هذا الحد، النقد الموجه لصلاح يتجاوز غالبًا حدود التحليل الموضوعي ليلامس "التقليل" المتعمد. هنا، لا يمكننا فصل هوية الناقد (أسطورة يونايتد) عن هوية المنتقَد (أسطورة ليفربول). نحن نتحدث عن صراع تاريخي، وحساسية مفرطة من جيل ذهبي لمانشستر يونايتد يرى إمبراطوريته تنهار بينما يصعد الغريم التقليدي على أنقاضها بقيادة "الملك المصري".

حين قلبت الأرقام موازين القوى

الأرقام هي الفيصل، وهي التي تؤجج نار الغضب الكامنة في نفوس أساطير اليونايتد. صلاح لم يكن مجرد لاعب عظيم في ليفربول؛ لقد كان القائد الفعلي لعصر التفوق الجديد.

محليًّا، نجح صلاح في قلب موازين القوى، قاد ليفربول لتحقيق لقب الدوري الإنجليزي الغائب منذ 30 عامًا (2019-2020)، وهو إنجاز استعصى على اليونايتد تمامًا في تلك الفترة. في الوقت الذي كان فيه صلاح يحمل الكأس مرتين، كان أفضل إنجاز لمانشستر يونايتد هو "المركز الثاني"، وبفارق شاسع عن البطل.

أما أوروبيًّا، فقد رسّخ صلاح سيطرة "الريدز"، قادهم لثلاثة نهائيات في دوري أبطال أوروبا، محققًا اللقب في 2019. 

وفي المقابل، يتذكر الجميع احتفالات لاعبي مانشستر يونايتد بمجرد التأهل إلى ربع النهائي في 2019، وهو ما يوضح الفجوة الهائلة في الطموح والإنجاز بين الناديين في حقبة صلاح.

الجرح الأعمق: إذلال "مسرح الأحلام"

لكن يظل الجرح الأعمق والأكثر إيلامًا لأساطير يونايتد هو ما فعله صلاح بملعب "أولد ترافورد" تحديدًا. صلاح لم يكتفِ بهزيمة يونايتد، بل تخصص في "إذلالهم" على أرضهم.

لقد أصبح الهداف التاريخي لمواجهات ليفربول ومانشستر يونايتد، متجاوزًا أساطير الناديين. وليس هذا فحسب، بل سجل أول هاتريك للاعب من ليفربول في "أولد ترافورد" في تاريخ الدوري في ليلة الخماسية الشهيرة (2021)، والأدهى من ذلك، أنه اللاعب الوحيد في تاريخ المنافسة بين الفريقين من ليفربول الذي نجح في التسجيل في سبع مباريات متتالية على أرض "مسرح الأحلام".

انتقام بالكلمات

عندما يشاهد غاري نيفيل أو بول سكولز، اللذان بنيا مجدهما على أسطورة "حصن أولد ترافورد"، لاعبًا من النادي الغريم يحوّل هذا الحصن إلى حديقة خلفية يتسلى فيها، فإن النقد الذي نسمعه لا يمكن أن يكون "فنيًّا" بحتًا.

إنه مزيج من ألم الهزيمة، ومرارة تحطيم الأرقام القياسية، و"الغيرة" المشروعة من أسطورة النادي المنافس الذي نجح في فترة قصيرة في تحقيق ما فشلوا هم في إيقافه. النقد اللاذع من أساطير يونايتد ليس مجرد تحليل؛ إنه "الانتقام" الوحيد المتبقي لهم، انتقام بالكلمات، بعد أن عجز ناديهم عن الانتقام في الملعب لسنوات طويلة.