بغداد- العراق اليوم:
كل منا يستعد لقضاء شهر رمضان على طريقته. الأطفال يرونه فرصة للمرح وتعليق الزينة واللعب، الذي لا ينقطع إلا مع أذان المغرب، واجتماع الأسرة على مائدة الإفطار، ويتواصل بعدها مجدداً. والكبار ينشغلون بمصاريف إعداد هذه الموائد وتحضير الدعوات وإعادة لمّ شمل العائلة والأصدقاء. والشباب يستغلونه في السمر حتى مطلع الفجر.
لكن الجميع يلتفون حول «الشاشة الصغيرة» للاستمتاع بالبرامج والمسلسلات الشيقة، التي لا تظهر إلا في هذا الموسم.
على ذكر المسلسلات، انتهى العديد من النجوم من تصوير معظم أعمالهم لطرحها في الموسم الرمضاني، أملاً في حصد أكبر عدد من المتابعين. وتنوعت هذه العروض بين القصص التاريخية، ومعالجات روايات كبار الكتاب، والدراما المكثفة. بينما لم يخلُ بعضها من الحس الكوميدي.
نرشح لكم أبرز هذه الأعمال المنتظرة، بناءً على سيناريوهاتها القوية، وأداء ممثليها المتميز في تجاربهم السابقة.
جميعنا شاهدنا قصة الأختين ريا وسكينة في العديد من الأفلام والمسلسلات المصرية، التي كانت تجذب انتباه الكثيرين لما تتناوله من معالجة مبدعة ورؤية غير مألوفة.
لكن كيف سيكون حال هاتين الشقيقتين إذا كانتا في سوريا؟
وردة وشامية يقدم الإجابة عن هذا التساؤل، فيروي حبكة جديدة تدور حول الشقيقتين وردة «سلافة معمار» وشامية «شكران مرتجي»، اللتين تمران بعدة تجارب قاسية، تدفعهما إلى ارتكاب العديد من جرائم القتل داخل الحارات السورية، لسرقة الجاهر والحلي.
لكن المختلف في القصة عن «ريا وسكينة» المصريتين، أن جرائم الأختين السوريتين لا تقتصر على النساء فقط، بل تشمل الجيران والعسكر لداوفع مختلفة.
ما يميز العمل أيضاً المشاركة المرتقبة للنجم الكبير سلوم حداد، الذي يجسد شخصية «عاصم»، حبيب «وردة» بأداء أكثر من رائع، والذي ابتعد به هذا العام قليلاً عن الدراما التاريخية المعروف بها.
«كنت أسمع صدى هتاف المصريين الجنوني المتهدج بالبكاء لفرعونهم الإسكندر في هتافات أخرى في أرجاء آسيا للإله الفاتح الجديد، ووجدت بالطبع دائماً أولئك القلائل من المتمردين الذين يحلمون بالحرية، وهؤلاء غالباً ما كان يتكفل بهم العامة أنفسهم قبل أن أتكفل بهم أنا. يكشفون مؤامراتهم ويفرحون بسقوطهم، لأن أولئك الحالمين يريدون أن يسلبوا من العامة نعمة الطمأنينة في الخوف». بهذه الكلمات البسيطة، شرح الروائي الكبير (من هو الروائي)، واقع الضابط المصري محمود عبدالظاهر «خالد النبوي»، بطل قصتنا.
المسلسل الذي يعد معالجة من السيناريست مريم نعوم لرواية طاهر، الحائزة جائزة «البوكر العربية» في دورتها الأولى عام 2008، يحكي قصة الشاب الذي التحق بالشرطة بعد انهيار تجارة والده. فيصبح شاهداً على ضرب الأسطول الإنجليزي محافظة الإسكندرية. كان يهرول من شاطىء البحر إلى المستشفى لنقل الجرحى والقتلى، في مشهد مثّل محطة هامة في حياته.
قرر ناظر إنجليزي نقل «عبدالظاهر» للعمل مأموراً لقسم في واحة سيوة، لشك السلطات في حمله أفكاراً ثورية للزعيمين جمال الدين الأفغاني وأحمد عرابي. فيصحب زوجته الإيرلندية كاثرين «منة شلبي» الشغوفة بالتراث في رحلته، ويعمل في جباية الضرائب من أهل الواحة، ليجد نفسه ممارساً عليهم سياسة القمع التي عاناها على أيدي الاحتلال.
وبحسب الرواية، بينما يعيش في الواحة، يفقد محمود جميع معاني الإحساس بالجمال، ويتفرغ لحالة الاغتراب وتأنيب النفس، ليقارن بين ماضيه البطولي كضابط ثوري متمرد، وواقعه الحالي مع أهالي الواحة. ويتنهي إلى أن الشخص في هذه الدنيا لا ينفع أن يكون نصف طيب ونصف شرير، نصف وطني ونصف خائن. إلى جانب ذلك، فإن المسلسل حافل بالأحداث المشوقة التي تستحق المشاهدة.
ليس هناك الكثير من الأعمال الخليجية التي تناقش قضية الكبت المجتمعي والحرية. لذا، أن تجد مسلسلاً يتناول هذه القصة، فهو جدير بأخذه في عين الاعتبار.
أحداث «ممنوع الوقوف» تدور داخل أسوار منزل عائلة خليجية، يمارس فيها الأب، وهو سائق سيارة نقل الموتى، تسلطه على أبنائه الخمسة، الذين يحمل كل منهم مشاكله وهمومه، في قالب اجتماعي يشد الانتباه.
وبحسب أبطال العمل، يحكي المسلسل قصة العائلة في مرحلتين زمنيتين مختلفتين، بعدما تتحول من طبقة فقيرة إلى طبقة غنية. ويجسد الفنان خالد أمين شخصية الشاب الذي يعاني من انفصام، بينما يعاني شقيقه عيسى «محمد صفر» من الإدمان على الكحول، الذي يؤثر على حياته وعلى علاقته مع أسرته.
يعيش سكان قرية مسحورة في أحد الكفور في العصور القديمة، ويمارسون جميع أنواع السحر والدجل واستحضار العفاريت. لكن حالهم يتغير فجأة ليمروا بعدة أحداث مخيفة، في رؤية فانتازية مميزة من الرعب والتشويق بين الحق والضلال.
المسلسل تجربة مختلفة للفنان يوسف الشريف، الذي يحظى بشعبية كبيرة لبحثه الدائم عن الخروج من الأنماط التقليدية للدراما. فيجسد هذه المرة شخصية «طبيب» الكفر، الذي يسكن داخل منزل مرعب تنطفئ نار أعمدته مع كل صباح، بينما يستحضر الجان بأساليب السحر والشعوذة، وتظهر له طفلة تخبره بالأحداث المستقبلية التي ستشهدها القرية.
ما يدفع إلى التشوق لمشاهدة «كفر دلهاب»، أنه أول مسلسل رعب مصري، بل عربي، بالمعنى الحقيقي، كما يعالج قضية الدجل والشعوذة المنتشرة داخل عالمنا بشكل مختلف عن المعهود.
يعدّ المسلسل السوري المقرر عرضه في رمضان من أكثر الأعمال المنتظرة على شاشة التلفزيون، خصوصاً في منطقة الشام. فهو يقوم على سيناريو فانتازي تاريخي يحكي قصة 3 ممالك عربية خلال الفترة السلجوقية «أوركيديا، وسمارا، وأشوريا»، تتصارع على السلطة والنفوذ وسط العديد من الأحداث الجاذبة للاهتمام.
وعلى الرغم من حجم الإنتاج البالغ نحو 5 ملايين دولار، يُعدّ هذا المسلسل الأضخم بين الدراما التاريخية العربية، لضمه عدداً من النجوم البارزين، منهم سلافة معمار، وعابد فهد، وجمال سليمان، وباسل خياط، وسامر المصري، إلا أن البعض اعتبره استنساخاً من السلسلة البريطانية الشهيرة، مع تشابه أشكال وأدوار، بل أزياء الشخصيات في العملين إلى حد بعيد.
لكن صانعي المسلسل، الذي تم تصويره داخل ستوديو بوخارست في رومانيا، ردوا على هذه الأشكالية، مؤكدين أنه تجربة فنية مختلفة تماماً عن السلسلة البريطانية، وأن التشابه بينهما يعد من قبيل الصدفة البحتة، إذ يركز بشكل أكبر على تقديم تجربة جديدة على المشاهد العربي، الذي له في النهاية حق النقد والتقييم.
بينما يفكر عدد من الكتّاب والسيناريست في ابتكار أفكار جديدة لأعمالهم، يميل آخرون إلى استكمال تجاربهم السابقة بأجزاء جديدة تحمل تغييرات طفيفة، استغلالاً لنجاح بعضها، أو رغبة في عدم الخروج خالين الوفاض في هذا الموسم، أو لأسباب تسويقية. وبالطبع ليس هناك أفضل من شهر رمضان لجذب أكبر عدد من المتابعين لها.
عادت مسلسلات الأجزاء هذا العام بأكثر من عمل، من بينها، باب الحارة 9، و«الجماعة 2»، و«خاتون 2»، و«يوميات زوجة مفروسة 3»، وغيرها. يعتمد عدد منها على شعبيته وجمهوره الذي ينتظر الجديد. وليس تعدد الأجزاء من عدمه هو ما يحدد ميول المشاهدين، إنما حبكة العمل نفسه والسيناريو وأداء نجومه.
كعادته، يحفل الموسم الرمضاني بغياب عدد من النجوم. وإن كان العائدون هم الأكثر هذه المرة، فبعدما اختاروا الراحة في السنة الماضية، يطلون على الشاشة من جديد بعدة أعمال هذا الموسم، ومن أبرزهم أحمد السقا الذي يقدم «الحصان الأسود»، بعد آخر عمل له «ذهاب وعودة»، وأحمد مكي الذي يقدم «خاصانة بشياكة» بعد «الكبير قوي 5»، ومنة شلبي بطلة «واحة الغروب» بعد بطولتها في «حارة اليهود» في 2015 أيضاً. فضلاً عن كريم عبد العزيز، وشريف منير، اللذين يقدمان دور البطولة في «الزئبق»، بينما كان آخر أعمال الأول «وش تاني» والآخر «ألف ليلة وليلة». وقد أنهت هند صبري غياب سنتين منذ «إمبراطورية مين»، لتقدم «حلاوة الدنيا» هذا العام. وفيما عاد هؤلاء النجوم، غاب آخرون عن السباق الرمضاني، أو غُيِّبوا لأسباب مختلفة. ففضّل يحيى الفخراني الحصول على إجازة واستثمار نجاح «ونوس» السنة الماضية، خصوصاً في ظل انشغاله بعرض مسرحية «ليلة من ألف ليلة» على المسرح القومي. كما اكتفى محمد رمضان ببطولة المسلسل الإذاعي «لا سحر ولا شعوذة»، مفضلاً عدم الظهور ضيفاً ثقيلاً على المشاهدين، بعد نجاح مسلسله الأخير «الأسطورة». فيما أرجع السبب الآخر لغيابه إلى تأديته الخدمة الوطنية داخل صفوف الجيش. كما غيب الموت الفنانين محمود عبد العزيز وكريمة مختار بعدما أنهيا حياتهما بمسلسلي «راس الغول» و«المرافعة».
وفي سوريا، لم يستطع الفنانون باسم ياخور، وقصي خولي، وبسام كوسا، وآخرون، اللحاق بهذا الموسم نظراً لعدم استقرار بعضهم على أعمال معينة، وانشغال البعض الآخر بأعمال خارج السياق الرمضاني، أو تفضيلهم المسرح والدراسة الأكاديمية على غرار أيمن زيدان ووائل شرف، أو لخلافات على الأمور المادية في غالبية الأحيان.
كذلك يغيب الفنان الكويتي عبد الحسين عبدا لرضا للعام الثالث على التوالي، بعد مسلسله الأخير «العافور»، لبعد الأعمال المطروحة عليه عن طموحه في العودة، بحسب تأكيده. وبعدما قدم «باب الريح» في الموسم الماضي، فضل النجم الكويتي الكبير سعد الفرج الابتعاد قليلاً لعدم رضاه عن النصوص والأدوار المعروضة عليه، وهو الأمر نفسه الذي سار عليه محمد المنصور، الذي كان مقرراً أن يشارك في بطولة مسلسل «إقبال يوم أقبلت» إلا أنه فضل الانسحاب في اللحظة الأخيرة.
*
اضافة التعليق