الثامن من شباط... يوم الظلام والانحدار في تاريخ العراق

بغداد- العراق اليوم:

العراق اليوم : كتب المحرر السياسي:

في مثل هذا اليوم، الثامن من شباط عام 1963، تعرض العراق لواحدة من أشد الضربات المأساوية في تاريخه الحديث، حيث دُبرت مؤامرة دولية غادرة استهدفت الحكم الوطني بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم، وفتحت الأبواب أمام قوى الرجعية والظلام لتسيطر على المشهد السياسي بوحشية غير مسبوقة.

لم يكن ذلك اليوم مجرد انقلاب عسكري، بل كان لحظة فاصلة في مسار العراق، إذ أُعيد الوطن إلى العصور المظلمة، وظهرت أبشع صور البربرية على أيدي المجرمين من حزب البعث، الذين مارسوا أبشع أنواع القتل والتنكيل بحق خيرة شباب العراق، لا لشيء سوى لأنهم حملوا راية التقدم والعدالة الاجتماعية.

كانت المجازر التي ارتكبها البعثيون في ذلك اليوم دليلاً دامغاً على طبيعة مشروعهم الدموي، حيث طالت التصفيات القادة الوطنيين والتقدميين، الذين حلموا بعراق مستقل تسوده العدالة والمساواة. 

 شكّل ذلك الحدث بداية لمخطط تدميري طويل الأمد، انتهى بسقوط النظام الفاشي بعد عقود من القمع والاستبداد.

إن هذا اليوم لا يزال محفوراً في ذاكرة العراق كرمز للحزن والأسى، فهو لم يكن مجرد نقطة تحول سياسية، بل كان بوابة لانهيار حلم بناء دولة مدنية حديثة، وبدء عهد من الديكتاتورية والقمع والانتهاكات التي عانى منها العراقيون لعقود.

اليوم، وبعد أكثر من ستة عقود على ذلك اليوم الأسود، يبقى درس الثامن من شباط حاضراً، يذكرنا بأن المؤامرات الخارجية حين تتلاقى مع أدوات الداخل القمعية، تكون النتيجة كارثية على مستقبل الشعوب. 

ويبقى الأمل بأن يتجاوز العراق آثار تلك المرحلة المظلمة، مستلهِماً من نضال شهدائه دروسًا للحرية والعدالة، حتى لا تتكرر المأساة مرة أخرى.

 و يبقى الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم، واحداً من أعاظم الرجال الذين مروا في سفر تاريخ العراق، و وضعوا بصماتهم الناصعة، و كتبوا دروساً بليغة لن تمحوها يد الزمن مهما تقادمت السنون، و مهما تباعدت.

نعيش بعد أكثر من ستين عاماً، المأساة و كأنها حدثت بالامس القريب، و لا نجد ما نعزي به أنفسنا، إلا أن نذكر عبر كلماتنا هذه الجميع، أن البعث المجرم، كان و سيبقى الى الابد هو الطاعون الأسود الذين دمر كل شيء، و لا يزال بعض اذنابه يحلمون بأن يعودوا إلى الواجهة ليجهزوا على ما تبقى، و لن هيهات هيهات ، فلقد سبق السيف العذل كما يقال.

علق هنا