عبد الكريم الحاج معروف - العراق اليوم
أطل علينا وزير النقل الحمامي قبل ايّام في احتفالية استعراضية، اساسها الكذب والتلفيق لايهام الرأي العام المحلي، ولفت نظر رئيس الوزراء الذي ارسل مبعوثا ينوب عنه للإحتفال.
اساس القصة في تصريحات الوزير، الحمامي ان اجواء العراق لم يتم غلقها من قبل، كي يقوم الحمامي بافتتاحها! لقد كذب الوزير -وعفوآ من هذا التعبير - حين إدعى بأن قسم الرقابة الجوية قام بفتح الأجواء بعد جهود مضنية ! والحقيقة المطلقة: ان الأجواء كانت مفتوحة أصلا ولم تغلق، إلا ان هذا الرجل العجيب والغريب لا يعيش كما يبدو، ولا يشتغل، او يصرح دون ان يطلق كذبة فجة ومفضوحة، هو قطعآ لا يحتسب لها حسابآ.. وإلا ماكان سيطلق مثل هذا التصريح المفضوح، والمكشوف، لو كان يحتسب لما سيأتي بعد اطلاق كذبته هذه امام الملأ !!
فمعلوماتنا، ومعلومات كل من له دراية في هذا المجال، تشير وتعلن بأن سلطة الطيران الفدرالي الامريكي قد أصدرت تحذيرات بخصوص الوضع الأمني في اجواء العراق في عام ٢٠١٤ ، ولم تمنع الطائرات قطعآ، فهذه السلطة (الفدرالية الامريكية) ليس لديها أي سلطة للمنع.
ثم ان الوزير لايعرف لحد الان ماهو الفرق بين سلطة الطيران الفدرالي الأمريكي، ال (FAA ) وبين منظمة الطيران الدولية ال ICAO . فالمعروف لأبسط العاملين في هذا المجال ان العالم كله يتبع سلطة الطيران الدولية ال ICAO ومتطلباتها عدا (النائمين)، الذين لا يعرفون حتى قراءة رموز هذه المنظمات امثال (التكنوقراط) الحمامي . ان تكرار الكذب أمر لا يليق بوزارة يقودها رئيس وزراء شجاع، بل هو بطل، وصادق، فحين وعد العبادي اهله العراقيين بتحرير مدنهم المحتلة من قبل عصابات داعش صدق الرجل في وعده، وها هو يشرف على تحرير كامل التراب العراقي من دنس الأوغاد الدواعش .. ولا اعرف كيف يستقيم الأمر، وتتكامل العلاقة بين وزير كاذب ، ورئيس ورراء صادق وأمين ونزيه ؟! ان قناعة وايمان وزير النقل كاظم الحمامي بنظرية وزير اعلام هتلر غوبلز: (اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الآخرون ) اصبح منهجاً ثابتاً له.. فالرجل أدمن على الكذب، بل راح يستطعمه، وإلا ماذا يعني ان يكرر في مرتين سابقتين تصريحه المضحك برفع المنع الأوربي، رغم جلاجل الفضيحة المدوية التي اعقبت التصريحين.. فلماذا لم يتعظ من فضيحته السابقة، وأظن انه لن يتعظ قط.
ان الأجواء العراقية مفتوحة، ولم يتم غلقها من السلطات العراقية، وإعلان الوزير الحمامي المترنح بمطارق التهم المثبتة ضده كتهم المحسوبية والفساد وغيرهما، لم يكن الا تضليلا وبهتانا.
وهناك مصادر مطلعة في سلطة الطيران المدني وتحديدا في قسم الاتصالات قد اسرّت لنا بأن منظمة الطيران الدولية وافقت في اجتماعها الماضي في جورجيا في ٢١ تشرين الاول ٢٠١٦ على تصميم الممر الجوي الجديد الذي قدمته شركة بريطانية متعاقدة مع قسم الرقابة الجوية، كما منحت الرمز الدولي في محضر اجتماعها، واشترطت المنظمة تفعيل العمل بهذا الممر الجوي، عبر تشغيل منظومة رادارات فرنسية كان العراق قد اشتراها عام ٢٠١٢، وفعلا فقد قامت الشركة البريطانية وبجهود المراقبين الجويين العراقيين بتشغيل المنظومة، بوضعها الحالي رغم ملاحظات الشركة البريطانية حول مواصفاتها الضعيفة، على ان يتم تطويرها لاحقا بالاتفاق مع الشركة المصنعة، مما اثار جدلا واسعا حول طريقة شرائها التي يلفها الفساد. فالعراق قد دفع سعرآ لهذه المنظومة بمواصفات كاملة، لكن واقع الحال يشير الى ان مواصفاتها اقل بكثير من السعر المدفوع .. والقضية لاتزال محل جدل.
الوزير الحمامي أوهم أيضا مكتب رئيس الوزراء بعد ان صور للامانة العامة لمجلس الوزراء انه سيفتتح الأجواء العراقية بعد ان كانت مغلقة !! فأسرع دولة رئيس الوزراء الى ارسال مستشاره الاقتصادي لحضور احتفال لم يكن يعلم انه احتفال مزيف، ويبدو ان الكذبة قد مرّت ، وانطلت على الجميع دون استثناء!
ثمة ملاحظة نريد ان نشير اليها هنا بأمانة، والمتعلقة بضعف الأداء المهني والاداري للمدير عام بالوكالة للمنشأة العامة للطيران المدني العراقي، الذي لا يعرف، او ( يسوي نفسه مايعرف) بأن اجواء العراق لم تكن مغلقة، وقد كان على هذا المدير ان يصحح لوزيره هذا الخطأ الشنيع، لكنه سكت، ربما من اجل المحافظة على منصبه المهدد، فأصبح بهذا السكوت والقبول شريكا في الكذب. والسؤال المطروح الان في كل المواقع : الى متى تمضي احدى الوزارات الخدمية المهمة بهذا المستوى المضحك من الأداء الهزلي والفنتازيا، التي أصبحت تطغي على اداء يفترض ان يكون على اعلى المستويات.. فقطاع الطيران يرتبط بمعايير دولية، وليست معايير (فنجانية حمامية) ترتبط بخيال الوزير الواسع؟