عمال ماركس وحيدون

ترى ما هو الانطباع الذي يمكن ان اتحدث عنه وانا اريد الكتابة عن يوم العمال العالمي؟، ما الذي يمكن ان اقوله لاعز الناس على قلب ماركس؟, واعني بهم العمال الذين توقع لهم ان يسيطروا على حركة التاريخ لكن اي شيء من ذلك لم يقع.

ترك ماركس العمال في هذا العالم ولم يبق شيء من توقعاته على ارض الواقع مثل بناء الاشتراكية ومن ثم حكومة العمال الذين سيقيمون دنيا الشيوعية. انهم ليسوا ابطال الساحة كما توقع مؤسس الماركسية لهم حين كان يتوقع الصدام مع الرأسمالية.

في الحقيقة كان ماركس يرسم سيناريو عالميا لعماله, وكان يريد ان يشاركوا فيه جميعا. لذا يمكن القول ان ذلك السيناريو الجميل عن انقلاب جذري في حياة العمال لم يحصل. وانتهت وتوقفت حركة التاريخ عند حد معين هو بقاء الرأسمالية سائدة وظل تلاميذ ماركس وحيدين وسيحتفلون بعيدهم كمناسبة تقليدية يتذكرون بها كل زملائهم الذين خسروا حياتهم في الاضرابات التي شهدتها مدن العالم قبل عشرات السنين.

(يا عمال العالم اتحدوا) كان هذا البيان الشيوعي يشبه التحضير لعمل فيلم

مؤثر سيتم انتاجه بين منتجين مثقفين هما: ماركس وانجلز. هذان المنتجان اكتشفا القوانين التي تتحكم في

حركة التاريخ. ومن هنا صنعوا ابطال المشهد وهم العمال الذين يعملون لساعات متواصلة بأجر قليل لا يكفي لحياة كريمة.

من البيان الشيوعي انتقلت عدوى الاحساس بالتاريخ الى ملايين العمال بأنهم سيكونون جزءا من هذه الحركة.

اظن ان ماركس عرف كيف يقنع اولئك العمال بأنهم عامل مهم في تحقيق العدالة, هذا هو الهدف الذي خلقه لهم, وجعلهم يفكرون فيه, ويعيشون معه.

 لكن كم من الاشياء تغيرت بعد كل هذه السنين؟, وكم من الافكار اصبحت قديمة آتية من عالم قديم لم يعد كما كان؟. لقد حدث تغير جذري لأن العالم لم يعد يحتفظ بذلك الولاء لافكار محددة يدافع عنها بل ان هناك تساهلا فكريا طرأ على حياة الشعوب بصورة واضحة.

ان الصين - وهي حصن اشتراكي مخيف - تصنع لنا سجادات الصلاة, ولابتوبات تعلم الصغار الآيات القرانية. الايدي الماركسية لا تجد مشكلة في تسويق ادوات يستخدمها المتدينون في حياتهم. ولعل شخصا مثل ستالين سيغضب عند رؤيته ان روسيا مثلا تصدر اشياء تختلف مع عقيدتها الماركسية. ومن يدري ربما يكون ستالين عام 2017 هو غير ستالين في الاربعينات ذلك لان العلاقات الدولية والصراع الاقليمي والازمة المالية تفرض لغتها على لغات القادة جميعا.

اذن بعد كل ما قلت كيف سيتم الاحتفال بعيد العمال؟,

وما هي العاطفة التي سيحس بها المشاركون الذين

ظلوا اوفياء لذكرى قيم شحنت في يوم من الايام قلوب المئات فخرجوا الى الشوارع مطالبين الحكومات بانصافهم في تحديد وقت العمل؟. اذ كان العمال يحسون بأنهم ينفذون مخطط وسيناريو ماركس الجميل في حتمية تغيير التاريخ.

علق هنا