هل سيعيد المشهداني لمجلس النواب بريقه المفقود؟

بغداد- العراق اليوم:

شهد مجلس النواب العراقي مؤخراً انتخاب محمود المشهداني رئيساً له، بعد صفقة سياسية جرت بين الإطار التنسيقي بزعامة نوري المالكي وحزب تقدم بقيادة محمد الحلبوسي، في خطوة وصفت بأنها محاولة لإعادة التوازن إلى المؤسسة التشريعية. 

ومع ذلك، يطرح المراقبون والمواطنون سؤالاً حاسماً: هل سيتمكن الطبيب وعضو الجماعة السلفية السابق من إعادة بريق المجلس الذي تلاشى خلال الدورتين الماضيتين، وأصبح مصدراً لخيبة أمل وغضب شعبي كبير؟

يواجه المشهداني تحدياً صعباً لإزالة أعباء السنوات الماضية التي أضعفت الثقة بمجلس النواب، وجعلته في نظر الكثيرين أداة لتأجيج الصراعات السياسية بدلاً من خدمة مصالح الشعب. ومن أبرز العقبات التي تنتظر المشهداني هي كيفية إعادة هيبة المجلس وإصلاح صورته كجهة تشريعية تعمل على تحقيق طموحات الشعب، وليس الدفاع عن مصالح الكتل والأحزاب فقط.

استعادة الثقة 

يرى بعض المحللين أن عودة بريق مجلس النواب تتطلب من المشهداني تنفيذ إصلاحات ملموسة تلامس احتياجات المواطنين، وتعزز الشفافية والمساءلة. 

وقد أشار الباحث السياسي سعدون محمد إلى أن "المشهداني بحاجة لتفعيل القوانين التي تعزز حقوق الشعب وتحد من الفساد، فبدون هذه الإصلاحات، سيبقى المجلس بعيداً عن تطلعات المواطنين".

ومن جهة أخرى، يتطلب تحقيق هذه الإصلاحات تعاوناً حقيقياً بين الأطراف السياسية المختلفة، وهذا ما قد يكون التحدي الأكبر أمام المشهداني، إذ يواجه مجلس النواب انقساماً حاداً نتيجة تباين المصالح والأجندات، ويعد هذا الانقسام أبرز الأسباب التي أدت إلى تعطيل الكثير من القرارات المهمة في الدورات السابقة.

تحدي الاستقلالية 

يرى بعض الخبراء أن المشهداني، بحكم ماضيه وتجربته السياسية، يمتلك القدرة على التفاوض بحكمة بين الأطراف المختلفة، لكن السؤال يبقى حول مدى قدرته على اتخاذ موقف مستقل بعيداً عن ضغوط الكتل السياسية التي دفعته نحو منصب رئاسة المجلس. 



وقد أشار الكاتب والصحفي علي الجبوري إلى أن "النجاح في هذا الدور يتطلب توازنًا دقيقًا، فالمشهداني مطالب بمراعاة مطالب الكتل التي أوصلته، لكنه بحاجة إلى الحيادية والجرأة في اتخاذ القرارات التي تصب في مصلحة الشعب".

رؤية شعبية 

على الصعيد الشعبي، هناك تفاؤل محدود مصحوب بتخوفات حول قدرة المجلس الحالي على إحداث التغيير المنشود.

 إذ يرى المواطن كريم علي (35 عاماً) أن "مجلس النواب العراقي بحاجة إلى قيادة قوية، قادرة على كسر القيود الحزبية والعمل لصالح الشعب، وليس لصالح كتل وأحزاب بعينها".

 بينما يرى هادي الخفاجي (45 عاماً) أن "المشهداني ربما يمتلك الخبرة المطلوبة، لكن العبء الذي تركته الدورات السابقة ثقيل، وقد يصعب التخلص منه دون تغييرات جذرية".

تطلعات ومخاوف

يبقى نجاح المشهداني في إعادة بريق مجلس النواب مرهوناً بقدرته على تحقيق التوازن بين تلبية طموحات الشعب والحفاظ على تماسك المجلس وسط الصراعات المتعددة.

 وإزاء هذا الواقع، تبدو المهمة صعبة، لكنّ البعض يرى أن المشهداني أمام فرصة حقيقية ليثبت جدارته ويترك بصمة إصلاحية إذا استطاع تجاوز الضغوط وفرض استقلالية المجلس.

ختاماً، على الرغم من الآمال المعقودة، فإن النظرة العامة لا تزال حذرة، في انتظار ما ستسفر عنه الأيام القادمة من خطوات جدية تُخرج مجلس النواب من أزماته المتعاقبة وتعيد إليه دوره الحيوي، ليس فقط كجهة تشريعية، بل كرمز يعكس تطلعات الشعب العراقي بكل أطيافه.

علق هنا