التحول من نظام برلماني الى اخر رئاسي قد يعد حلا مناسبا لبعض الدول لتجاوز المشاكل والاخفاقات الناتجة عن التحالفات والائتلافات البرلمانية التي تعطل القرارات والقوانين المهمة. وقد يتصور البعض ان التعديلات الدستورية التي صوت لصالحها الشعب التركي بنسبة 51 بالمئة هي مجرد انتقال من النظام البرلماني الى النظام الرئاسي كما هو معمول في اي دولة تعتمد النظام الرئاسي وتجده مناسبا لها. الا ان الحقيقة هي ان اردوغان يسعى الى الحصول على صلاحيات مطلقة للمضي بسياساته الحمقاء وهي خطوة باتجاه تحول اردوغان الى دكتاتور يمتلك الصلاحيات التي تسمح له بتعيين واقالة الوزراء والقضاة واعلان حالة الطوارئ في اي وقت يشاء اضافة الى السيطرة على المؤسسة العسكرية. وكل هذه الصلاحيات تمنح اردوغان الفرصة بتنفيذ أجنداته التوسعية واستمراره بالتعامل مع جيرانه باستعلاء وتعجرف. وعندما نتخيل اردوغان رئيسا بصلاحيات واسعة لغاية 2029 فانه علينا ان نستذكر مواقف اردوغان مع شعبه وجيرانه والمحيط الخارجي ونتوقع ماذا سيكون مستقبل تركيا والمنطقة، فنجد انه نجح هو وحزبه في صناعة الأعداء داخل وخارج تركيا عبر سياسة خارجية فاشلة مبنية على التدخل في شؤون الآخرين والتعامل باستعلاء مع الحكومات والدول المجاورة. ولقد شهدت تركيا في زمن اردوغان العديد من الانتهاكات في حقوق الإنسان لا سيما في التعامل مع الإعلام والحريات الصحفية التي تم تضييقها الى حد كبير بعد ملاحقة الصحفيين والإعلاميين المناوئين لأردوغان وسياساته الخاطئة. ولقد أثبتت الأحداث في تركيا تغطرس اردوغان في التعامل مع الاحزاب والقوى السياسية التركية الاخرى ومحاولة الانفراد بالسلطة عبر محاولات معروفة ومنها تعديل الدستور بما يخدم مصالحه الحزبية الضيقة وتهميش القوى السياسية الفائزة في الانتخابات واعتقال نواب وسياسيين اكراد وقادة جيش ورؤساء تحرير لصحف ومجلات بذريعة التعاون مع الانقلابيين والخيانة العظمى. ومن جانب آخر لم يكن اردوغان موفقا في سياسته الخارجية لا سيما في ملف مكافحة الإرهاب والتدخلات التركية السافرة في الشؤون الداخلية لدول عديدة منها العراق وسوريا ومصر وايران ولقد حصدت تركيا ما زرعه اردوغان من عداء مع دول كبيرة ومهمة كروسيا بعد حادث إسقاط الطائرة الروسية وما تسببت به هذه الحادثة من تداعيات سياسية واقتصادية بالإضافة الى دعم اردوغان لمجموعات ارهابية وتسهيل مرورها الى سوريا حيث تتفق جميع دول العالم في الشرق والغرب على ان تركيا كانت راعية للإرهاب الذي يضرب جميع دول العالم وكانت ممرا آمنا له إضافة الى تعاملها مع داعش والتنظيمات الإرهابية الاخرى في ملف النفط المهرب من العراق وسوريا وتهريب الآثار...فاذا كانت هذه هي سياسات اردوغان تجاه شعبه وتجاه المنطقة عندما كان لا يمتلك الصلاحيات الكاملة فماذا نتوقع منه بعد نجاحه في تمرير التعديلات الدستورية التي جعلت منه دكتاتورا؟.