بغداد- العراق اليوم:
فالح حسون الدراجي
افتتاحية جريدة الحقيقة
من البديهي أن جميع الأحزاب القومية ـ سواء بجمهورها المتفرج، أو بمن يشارك في فعاليات الإحتفال ـ تحتفل بعناصر مكونها القومي فحسب، فالأحزاب العربية مثلاً تحتفل بحضور ومشاركة جمهورها العربي، وربما بمشاركة رمزية بسيطة من حلفائها الآخرين، وكذلك الحال يمضي مع الأحزاب الكردية أو التركمانية، أو حتى الأحزاب الدينية، سواء أكانت إسلامية أو مسيحية، أو ممثلة عن بعض المجتمعات الأثنية الأخرى، فهذه الأحزاب والقوى والتيارات تحتفل بإطارها النوعي والمجتمعي المحدود جداً، وهو أمر منطقي وطبيعي لا عيبَ فيه، فهي أحزاب وتشكيلات تمثل نوعاً محدداً، أو فئة بشرية ذات هوية دون غيرها، أو مجتمعاً بعينه، إلّا الحزب الشيوعي العراقي، فهو الحزب الوحيد في العالم، والوحيد في التاريخ أيضاً، الذي تحتفل بأعياده ومناسباته جميع القوميات والفئات والمكونات الوطنية، وهو أمر طبيعي أيضاً.. باعتبار أن الحزب الشيوعي العراقي حزب أممي كوني، لا يمثل قومية دون غيرها، ولا يتحدث باسم فئة معينة، إنما يمثل مصالح العمال والفلاحين والمثقفين والطلبة والعسكريين الثوريين، كما أن أعضاءه ومناصريه ينتمون لقوميات وأديان ومذاهب مختلفة، أي أن الحزب الشيوعي هو ممثل كادحي العراق دون شك.. وهذا يعني أنه يمثل جميع قوميات وأثنيات وأديان وأعراق جمهورية العراق، ومن الطبيعي أن يكون الحضور والمشاركة في فعالياته ومناسباته، جامعاً لكل الوان العراق وأطيافه.. وهذا ما حصل يوم الجمعة الماضي، حين أقام الحزب الشيوعي العراقي على حدائق أبي نواس، حفلاً مركزياً كبيراً بمناسبة الذكرى التسعين لميلاده، ولم يكن الاحتفال عرساً حزبياً، إنما كان في الحقيقة عرساً وكرنفالاً وطنياً شاملاً، إذ كان الحضور متعدداً، فهنا جلس الكرد بزيهم الكردي المميز، والى جانبهم جلس أبناء الجنوب والفرات بلباسهم العربي الجنوبي، ومن الجهة المقابلة تجد الوجوه والأزياء الكلدانية والآشورية المبهجة، أما على المسرح، فقد غنّى الكرد ورقصوا الدبكة الكردية، في حين قدم (البصريون) فقرة رائعة تضمنت باقة من أغنيات معطرة برائحة البحر، وأريج الطليع البصري الأخاذ، أما الفنان الكبير – ابن بغداد – محمد عبد الجبار فقد أطرب الجمهور الحاضر وبث الفرح والسرور في نفوس الحاضرين بصوته وسحره وأدائه الباهر .. وقد ضج الحفل بالتصفيق والغناء حين قال الفنان عبد الجبار: (آني مو شيوعي واجيت أحچي الحقيقة).. ولم يبخل محمد على الجمهور فقدم له كل ما طلب من أغنيات .. لقد كان هذا كله (بكوم) وحضور الأجيال المختلفة ( بكوم )، حيث التقى أمس الأول، ابن الثمانين مع ابن العشرين، ومناضلات الحزب السبعينيات بل وحتى التسعينيات مع مناضلات الرابطة الشابات، إنه اصطفاف الأجيال الشيوعية البديعة تحت العلم الشيوعي، والعلم العراقي، وتحت سقف الوطنية العراقية العالي .. والغالي أيضاً.. شكراً للحزب الشيوعي العراقي الأممي الإنساني، حزب جميع القوميات والطوائف والملل والمجتمعات والأعراق الوطنية الزاهية مثلما هو حزب جميع الكادحين العراقيين .. شكراً لحزب فهد، الذي أعادني الى أيام شبابي أمس الاول، بل وجعلني أفخر بانتمائي لهذا الحزب العظيم.. لقد شعرت بالفخر حقاً، وأنا أجد كل الحب والمودة والعناق والاهتمام الذي أبداه الرفاق القدامى والشباب تجاهي.. وهل هناك حب أكثر فخراً ومجداً من هذا الحب الشيوعي الصادق ؟!
*
اضافة التعليق