ألمانيا بلغت قدرتها القصوى على استيعاب اللاجئين... تقديمات عينيّة بدل النقديّة؟

بغداد- العراق اليوم:

تصاعدت في ألمانيا وتيرة الجدل السياسي بشأن التغيرات في العوامل التي تجعل البلاد عامل جذب حاسماً للاجئين الذين يبحثون عن الحماية فيها مقارنة بدول الاتحاد الأوروبي الأخرى، حتى أنه تم رفع سقف المطالبات بإجراءات أمنية حدودية إضافية وتنسيق مع الدول المجاورة من أجل وضع ضوابط مشتركة أكبر، كما الحد من الامتيازات والحوافز التي تمنح للاجئين.

من التّقديمات النّقدية إلى المساعدات العينيّة

يضغط الحزب الديموقراطي الليبرالي، الشريك الأصغر في الائتلاف الحاكم، على شريكيه في الحكومة الفيدرالية، الاشتراكي الديموقراطي والخضر، مطالباً باعتماد المزايا العينية بدلاً من النقدية لطالبي اللجوء ووقف المدفوعات للاجئين، أي أن تكون تغطية احتياجاتهم اليومية ببطاقات دفع صالحة يمكن صرفها في محال مبيعات التجزئة.

وفي هذا السياق، اعتبر وزير النقل المنتمي إلى الحزب المذكور فولكر فيسينغ، أنه بهذه الطريقة يمكن منعهم من إجراء أي تحويلات من مساعدات الدولة إلى أقاربهم في بلدهم الأصلي. ولفت إلى أن المدفوعات النقدية المباشرة تعتبر حافراً لدخول الأنظمة الاجتماعية.

وفي هذا الإطار، أشارت المتحدثة باسم سياسة الهجرة في الاشتراكي الديموقراطي رشا نصر، إلى أن الولايات تواجه على ما يبدو مشكلات في الحفاظ على البنية التحتية اللازمة لتخزين المساعدات العينية، وتؤيد الالتزام بالمزايا النقدية.

ويحق لطالبي اللجوء والأشخاص الذين لديهم حق إقامة موقت الحصول على إعانات الدعم العينية، وبينها السلع الاستهلاكية والملابس والتعليم، كما على قدر محدود من الرعاية الطبية، أي في حال المرض الحاد أو المعاناة من الألم، لكن الولايات عادة ما تعتمد التقديمات النقدية وتترواح بين 278 يورو عن كل طفل حتى عمر الخمس سنوات و410 يورو للمتزوجين وللبالغين، فضلاً عن تقديم  بدلات السكن.

وبعد 18 شهراً تصل تقريباً إلى مستويات مماثلة لتلك التي يستفيد منها أولئك الذين يستفيدون من التأمين الصحي القانوني الشامل.

ويطالب المسيحي الديموقراطي المعارض باعتماد فترة 3 سنوات على الأقل بدلاً من 18 شهراً. وعندما يتم قبول اللاجئ تكون الحكومة الاتحادية مسؤولة عن مدفوعاته النقدية، ولاحقاً تصبح المسؤولية على عاتق البلديات التي تتلقى تمويلها من حكومة الولاية والحكومة الفدرالية.

وفي خضم ذلك، أكد المستشار أولاف شولتس في أحاديث صحافية أنه ليس لديه أي شيء ضد منح طالبي اللجوء قسائم بدلاً من النقود، مشيراً في مقابلة مع شبكة "أهيه أر دي" الإخبارية، إلى أن حكومته خلقت الفرصة القانونية للقيام بذلك، ويمكن للولايات اعتماد التجربة لكنها لم تفعل بعد.

وتماشياً مع ما ذُكر، دعا الاتحاد المسيحي، أكبر أحزاب المعارضة، إلى إجراء المزيد من التعديلات على مستحقات طالبي اللجوء.

وقال المتحدث باسم السياسة الداخلية لكتلة الاتحاد ألكسندر ثروم لمجموعة "أن بي آر" الإخبارية، إنه يؤيد تغيير الوضع القانوني لتكون للفوائد العينية الأولوية على دفع الأموال طوال إجراءات اللجوء بأكملها، مبرزاً أن المدفوعات النقدية المرتفعة نسبياً لطالب اللجوء تشكل بلا شك حافزاً للعديد من المهاجرين غير النظاميين لدخول ألمانيا. واستدرك بالقول إن إدخال بطاقات الدفع على المستوى الوطني في الولايات والبلديات "ليس حلاً سحرياً"، وعموماً يجب على الحكومة الاتحادية التقليل من الحوافز الجذابة للهجرة غير النظامية.

وفي سياق متصل، شككت السياسية عن الديموقراطي الليبرالي ستراك زيمرمان في زيادة الرقابة على الحدود مع بولندا والتشيك التي أعلنتها وزيرة الداخلية أخيراً، في حديث مع مجموعة "فونكه" الإعلامية، بقولها إن الهجرة غير النظامية ينبغي وقفها عند الحدود الخارجية لأوروبا. وأضافت: "يجب ألا ننسى أبداً أننا نحتاج لهجرة منظمة إلى سوق العمل لدينا، ولكن ليس إلى الأنظمة الاجتماعية"، داعية إلى توسيع قائمة البلدان الأصلية الآمنة، وهذا يشمل مولدوفا وجورجيا، وكذلك دول المغرب والجزائر وتونس.

ألمانيا عامل جذب للاجئين

على وقع التقديرات بأن أكثر من 70% من جميع اللاجئين الذين يصلون إلى ألمانيا حالياً لم يتم تسجيلهم رغم  أن جميعهم تقريباً كانوا في دولة أخرى من دول الاتحاد الأوروبي، اعتبر خبير الهجرة كاي هايلبورنر أن اللاجئين يجدون رابطاً سريعاً في ألمانيا بغض النظر عما إذا كانوا من السوريين أو الأفغان أو من شمال أفريقيا، لأن ألمانيا استقبلت بالفعل عدداً كبيراً منهم خلال أزمة اللجوء في عام 2015. وكل ذلك من منطلق إمكانات لمّ شمل الأسرة واحتمال القدرة على البقاء في البلاد.

إلى ذلك، فإن الكثيرين من طالبي اللجوء بات لديهم أقارب أو معارف وصلوا في أوقات سابقة إلى البلاد. من جهة ثانية، تكاد ألمانيا لا تقوم بعمليات ترحيل مقارنة بأعداد الموضوعين على لوائح الترحيل. وأوردت شبكة "إيه أر دي" أنه، بحسب السجل المركزي للأجانب، كان لا يزال هناك نحو 304 آلاف شخص مطلوب ترحيلهم حتى نهاية عام 2022، بينهم نحو 248 ألفاً يحملون تصريح تعليق ترحيل (دولدونغ)، وهذه الإقامة لا تلغي الالتزام بمغادرة ألمانيا. قد يكون عدم الترحيل مرتبطاً بعدم امتلاكهم أي أوراق ثبوتية وعدم تجاوب بلادهم مع السلطات الألمانية لاستعادتهم أو بداعي المرض أو لديهم طفل قاصر يتمتع بتصريح إقامة.

وفي هذا الصدد، بينت صحيفة "بيلد" أن ما يجعل ألمانيا أكثر جاذبية للاجئين من الدول الأخرى، أن الفوائد الاجتماعية والإعانات الشهرية القيمة التي يحصل عليها طالبو اللجوء المسجلون تجعل ألمانيا أكثر جاذبية للاجئين مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى. إلى ذلك، تغطي ألمانيا تكاليف الإيجار والرعاية الصحية الكاملة بعد قبول اللجوء.

وفي المقابل، تدفع دول مثل النمسا لطالبي اللجوء ما قيمته 450 يورو للسكن في مراكز إيواء محددة، وفي كثير من الأحيان تعتمد على القسائم وتقديم المواد الغذائية وشريحة للهاتف، والدنمارك ما قيمته 225 يورو، وبريطانيا 210 يورو مع الاستفادة من الرعاية الصحية، وعادة ما يتكفل اللاجئ بدفع إيجار السكن، فيما تقدم فرنسا 426 يورو ويكون السكن عادة في مراكز مخصصة للاجئين، أما اليونان فتدفع فقط 210 يورو والإقامة داخل مراكز إيواء للاجئين.

 

 

علق هنا