بغداد- العراق اليوم:
لا أحد كان يتوقع أن تقدم برلمانية عراقية مقترح قانون يُشجع على تعدد الزوجات. لكن جميلة العبيدي فعلتها، وهي نائبة عن مدينة الموصل.
المقترح لاقى رواجاً كبيراً في مواقع التواصل الاجتماعي في العراق. وإن كانت أغلب الردود ساخرة، فقد روجت بقصد أو دون قصد للمشروع وصاحبته. والطريف أن أغلب الرجال كانوا مؤيدين للفكرة وأعلنوا في تغريدات لهم على تويتر وفيسبوك تأييدهم للمشروع.
العبيدي التي تسعى إلى جمع تواقيع أعضاء في مجلس النواب العراقي لدعم تشريع "تعدد الزوجات"، قالت خلال مؤتمر صحافي عقدته في مبنى البرلمان العراقي في 12 من الشهر الجاري، إننا "غفلنا عما هو أعظم لنا من حق ننساه أو لم نفهم حقيقته استجابةً لأنانيتنا ألا وهو تعدد الزوجات الذي حاصرنا الرجل به على الرغم من زيادة ظاهرة الأرامل والعوانس والمطلقات اللواتي تجاوز عددهن الأربعة ملايين".
تتحدث النائبة عن "وجود ظاهرة خطيرة تهدد النساء اللواتي أصبحن عرضة لمن يساومهن بحسب ما تقتضيه المصالح، وأولها السياسية، بالإضافة إلى المال"، لكنها لم تكشف عن تلك المساومات وتفاصيلها.
وخلال مؤتمرها الصحافي، أطلقت العبيدي شعار "نقبل بعضنا بعضاً شريكات من أجل صون كرامة المرأة"، كما اقترحت أن يتضمن مشروع القانون حوافز مالية للرجال تُشجعهم على الزواج من الأرامل والمطلقات.
لم تأتِ النائبة جميلة العبيدي بجديد، فالإسلام وهو المصدر الأساسي للتشريع العراقي بحسب دستور العراق، يُحلل الزواج من أربع نساء، كما أنه لا يوجد أي قانون عراقي يمنع تعدد الزوجات، فقط هناك شرط في قانون الأحوال الشخصية العراقي لسنة 1959 ينص على أنه "إذا خيف عدم العدل بين الزوجات فلا يجوز التعدد ويترك تقدير ذلك للقاضي".
ويفرض قانون الأحوال الشخصية في فصله الرابع، عقوبة على كل من يعقد زواجاً خارج المحكمة قد تصل إلى الحبس لمدة سنة أو قد تكون غرامة مالية، كما يعاقب من عقد زواجاً آخر مع قيام الزوجية بالحبس مدة قد تصل إلى خمس سنوات.
ردت عضو لجنة الطفل والمرأة في مجلس النواب العراقي، ريزان الشيخ، على زميلتها العبيدي، واعتبرت أن تقديم مبالغ مالية للرجال مقابل الزواج من الأرامل والمطلقات "تجارة بالنساء"، وأبدت استياءها من طرح هكذا مشروع قانون في مجلس النواب.
وقالت الشيخ إن "هذا المقترح يُهين المرأة العراقية ويدفع الآخرين للمتجارة بها، وهذا فعل مشابه لما قام به تنظيم داعش من بيع للنساء الأيزديات في سوق النخاسة، لذا سنقف بقوة ودون تردد أمام أية تشريعات يُمكن أن تُسيء للنساء العراقيات، حتى نصون كرامتهن ولا نُتاجر بهن".
وتساءلت "هل انتهت مشاكل العراق وحُلت كل قضاياه لنتجه إلى تشريع قانون يبيح تعدد الزوجات؟ وهل وضع العراق الاقتصادي يساعد على تأسيس أسرتين من قبل رجل واحد؟ هذه مشاريع لا تساعد العراقيين على التخلص من خرابهم الذي يعيشونه، وإنما تزيد المشاكل".
وبحسب البيانات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط العراقية لعام 2016، فإن عدد الأرامل في العراق من سن 12 عاماً فما فوق، بلغ 850 ألفاً، ولا يشمل هذا الرقم محافظات إقليم كردستان العراق الأربع ولا محافظتي الأنبار ونينوى، يعني أن هذا الرقم لـ12 محافظة عراقية فقط.
أما نسب الطلاق فهي مرتفعة بشكل كبير في العراق. ففي شهر يونيو 2016 سجلت المحاكم العراقية 4333 حالة طلاق مقابل 14479 حالة زواج. هذا في شهرٍ واحد، وإن جُمعت أرقام العام بأكمله فقد تصل إلى خمسين ألف حالة طلاق في السنة.
في سياق متصل، قالت ريا الخفاجي وهي ناشطة مدنية، إنها "تنوي رفع دعوى قضائية ضد النائب جميلة العبيدي صاحبة مقترح مشروع قانون تعداد الزوجات، معتبرةً ذلك "استهانة كبيرة بالمرأة العراقية، خاصة الأرامل والمطلقات" ومضيفةً: "إنهن لسن نساء يُشترين ويُبعن".
وأشارت إلى أنها تحاول الآن استشارة قانونيين بخصوص رفع دعوى قضائية ضد النائبة جميلة العبيدي، "فما تحدثت عنه قد يُعمق المشاكل المجتمعية ولا يحلها، كما أن النساء لسن سلعاً تُحدد أسعارهن السيدة النائبة التي يفترض بها تشريع قوانين تُشجع على خلق فرص عمل للعراقيين والعراقيات".
وفي حالة "قيام الرجل بالزواج من ثانية دون إذن من المحكمة المختصة فإن للزوجة الأولى الحق في طلب التفريق أو إقامة دعوى جزائية على الزوج وقد يعاقب بالحبس سنة أو بغرامة مالية"، بحسب قانون الأحوال الشخصية.
رقية علي، وهي قانونية ومدافعة عن حقوق المرأة، قالت إنها "لا تعتقد أن تكون قوانين كهذه قادرة على خلق الحلول وإنتاجها، بل قد تُساعد على التفكك الأسري بشكل أكبر، كما أن النساء لن يقبلن بمثل هكذا قانون وربما تكون اعتراضاتهن كبيرة عليه".
أما النائبة جميلة العبيدي فقالت: "سأستمر بالعمل على تشريع القانون، وما تعرضت له من هجمات كان متوقعاً ولن أتوقف عن ذلك. وعلى زملائي أن يدعموني في هذه الخطوة، حتى نتمكن من صون المرأة العراقية وإيقاف الانتهاكات التي تتعرض لها".
جوبه مشروع قانون "تعدد الزوجات" الذي طرحته النائب العبيدي بشكل كبير، وأصبح حديث الشارع العراقي خلال اليومين الماضيين. وأمام هذا الرفض الكبير قد لا يأخذ طريقه إلى التشريع، ولن تتمكن العبيدي من جمع تواقيع أعضاء البرلمان اللازمة لطرحه في قراءة أولى.