بغداد- العراق اليوم:
فصل الخبير المصرفي، محمود داغر، أسباب وتداعيات ازمة ارتفاع أسعار صرف الدولار الأمريكي في الأسواق العراقية، مؤكداً ان " إجراءات الفيدالي الأمريكي الجديدة في نظام الحوالات المالية تسببت بصدمة غير مسبوقة للأسواق المحلية، وقد تتطور الأزمة ما لم تبادر الحكومة الحالية لإتخاذ إجراءات عاجلة لإعادة توازن سوق العرض والطلب". وقال داغر في حديث لـ ( العراق اليوم)، ان الأزمة الحالية غير مسبوقة في تاريخ التعاملات البنكية، وهي تختلف عن كل الأزمات المالية التي مرت سابقاً، فلأول مرة يفقد البنك المركزي العراقي قدرته على إدارة السوق المحلية، حيث كان المركزي دائما هو " الماركت ميكر"، وكان يدير الأسواق المالية في البلاد، لكنه الآن لا يستطيع فعل شيء إزاء الأزمة ".
واكد ان الأزمة الحالية نتجت عن تغيير في مسار التعامل المالي بين الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي العراقي في نظام التحويلات المالية المتبع منذ أعوام، بعد فقدان الثقة بين الطرفين، مع العلم انه من الطبيعي عندما اي دولة في العالم تربط عملتها بالدولار الامريكي فأن الفيدالي الأمريكي يمتلك حق المراقبة ومتابعة اي تذهب التحويلات المالية". واشار الى ان " الأزمة بدأت بعد معاقبة المصارف الأربعة، وكان أحدها مصنف في البنك المركزي بالتصنيف A، مما أثار حفيظة الفيدالي الأمريكي وتسبب في قيام الاخير بمجموعة إجراءات لا تمنع العراق من طلب امواله، لكنها تدقق في آلية التحويل، فبدأت آلية التحويل تأخذ ابعاد مختلفة عن السوق العراقية". وبين ان " السوق المحلية كانت معتادة على قيام البنك المركزي العراقي بتعزيز حسابات المصارف المشتركة في نافذة بيع الدولار، ثم تقوم هذه المصارف ببيع الحوالات المالية الى اصحاب محال الصرافة و هولاء بدورهم يقومون ببيعها على زبائنهم، مع العلم ان نسبة 95% من التجار المتعاملين لا يذهبون إلى المصارف بل يقومون بشراء الحوالات من مكاتب الصرافة مباشرةً تهربا من النظام الضريبي، لكن هذه الآلية تغيرت الآن واصبحنا امام واقع جديد، حيث الفيدالي الأمريكي اشترط عند التحويل لأي مصرف ان يعلن الأخير عن اسم مشتري الحوالة، ويتم تدقيق معلومات المشتري في بلد الوصول، مما غير الصورة من تحويل لأغراض التعزيز، الى بيع مباشر مع إجراءات التدقيق التي تستغرق أحيانا اكثر من عشرة ايام، مما عرقل حركة التجار، فأنخفض اقبال المصارف على النافذة، وبعد ان بدأت الإجراءات تأخذ وقتا طويلا لجأ معظم التجار الى التعامل النقدي، مما احدث فوضى حقيقية في السوق المحلية ". واشار داغر الى البنك المركزي لا يعاني مشكلة قلة العرض، بل مشكلة عدم اقبال المصارف على النافذة بسبب ما تقدم من الإجراءات". وخلص الى أن الأطراف المشتركة في هذه الأزمة هي البنك المركزي العراقي و الفيدرالي الأمريكي والحكومة العراقية ، مؤكداً أن المطلوب هو إعادة الثقة بين هذه الأطراف لاسيما ان الفيدرالي الأمريكي منذ سنوات وهو يرسل إشارات الى العراق بضرورة الإنتباه لوجود نوع من عدم الدقة في التحويلات المالية ، وبعد ان ثبت لدى الفيدرالي الأمريكي وجود مصارف مساهمة بالفساد، لاسيما ان العام 2019 شهد صدور عقوبات من الخزانة الأميركية على خمسة مصارف عراقية، وكذلك سبقها معاقبة مصرف البلاد الاهلي وهو معروف العائدية، وكذلك صدور إيقاف بحق مصرف الود لصاحبه نور زهير جاسم وغيرها من المشاكل التي حفزت عدم الثقة بالأنظمة المالية في العراق ودفعت الى هذه الإجراءات ". وحمل داغر الفيدرالي الأمريكي مسؤولية ما يجري، لأنه استخدم الصدمة مع الأسواق المالية العراقية، وكذلك فإن العراق يتحمل جزء المسؤولية لانه لم يتفاعل مع الإشارات الأمريكية لمعالجة الخلل الحاصل في نظامه المالي". واختتم بأن الحكومة العراقية الحالية يجب ان تأخذ اجراءات سريعة لإعادة الثقة وإعادة الاستقرار للأسواق المالية.
*
اضافة التعليق