بغداد- العراق اليوم:
من يقلب أوراق زمن الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم على قصره، أعني ذلك الزمن الذي تولى فيه مقاليد الحكم بعد ثورة 14 تموز 1958 المجيدة، سيجده زمناً حافلاً بالأحداث والمواقف والمأثر الوطنية التي سجلها هذا الرجل العراقي حد النخاع، والوطني حد اللعنة، والملتزم الصارم بكل ما تعنيه هذه الكلمات من معان. سيجد الروح الانسانية السمحاء، والسمو الأخلاقي والترفع عن الصغائر، وعفة النفس، ونظافة اليد، ونقاء الضمير، وسيجده رجلاً لم يحقد قط، فحتى تلك الشرذمة الآثمة، من امثال البلطچي صدام حسين التكريتي ومن لف لفه من سقط المتاع، التي حاولت قتل الزعيم، شملها بعفوه وسماحته، وخط بقلمه الوضاء كلمات " عفا الله عما سلف"، ولكن شتان بين هذا الموقف الخالد، وموقف البعثيين الانجاس الذين ينطبق عليهم قول الشاعر العربي: ملكنا فكان العفو منا سجيةً .. وملكتم فسال بالدمِ ابطحُ وحسبنا هذا التفاوت بيننا فكل اناء بالذي فيه ينضحُ
وبالعودة الى قصة الزعيم والسياب، نعني ذلك الشاعر الذي عاش البؤس بكل معانيه، والذي استغل البعثيون والقوميون مزاجه الصاخب المتقلب، وحرضوه ليكتب ما كتب ضد الحزب الشيوعي العراقي، الذي ساهم في بزوغ نجمه، وناصب الزعيم العداوة ايضاً، بلا سبب، ظناً منه أن الزعيم شيوعي او قريب من الشيوعيين، وراح يشتم الزعيم ويهجوه وو..الخ من المواقف السلبية. وحين مرض السياب واحتاج السفر الى خارج البلاد الى لندن أو الكويت، قُدمت أوراقه للزعيم عبد الكريم قاسم، ليوقعها بصفته رئيساً للدولة، وبدلاً من أن يستغل الزعيم هذا الموقف ليصفي حسابه معه، وافق على الفور، مع كتابة عبارة ساخرة برمزية عالية، أو"حسجة" كما يقال، فقد كتب " قولوا لبدر خلي يصبغ حذائه زين"!، والمقصود هنا ان السياب كان حين يقوم بصبغ حذائه، يقول لصباغ الاحذية: اصبغ الزعيم!! فتصوروا أي اخلاق وسمو يحمله هذا الشهيد العراقي الخالد، وأي أخلاق يحملها خصومه؟.
*
اضافة التعليق