عبد الرحمن اللويزي
بعد أن طوى صفحة القائمة العراقية التي كان كل وزرائها، ضيوفاً شبه دائمين على ديوانه العامر، يسهرون فيه حتى ساعات الصباح الأولى، في برنامجٍ سهرةٍ، لا يخلوا من فقرة تخصص لتوقيع العقود، التي تسبقها عادة جولات تفاوض تجري أيضاً في ذات الديوان، حتى أضحى الأخير، قبلة التجار وموئل السماسرة.
بعد أن طوى تلك الصفحة أخذ خميس الخنجر يبحث عن مشروعه الجديد، فالرجل رائد أعمال من طراز خاص، فهو يخلق الفرص أحياناً ويستشعر الفرص الواعدة أحياناً أخرى، فلا يفوتها، وجد الخنجرُ ضالته في مشروع الإعتصامات التي كان قد أطلقها الحزب الإسلامي للتو، على خلفية إعتقال حماية العيساوي نهاية 2012، فركب موجتها وأخذ يدور على عواصم دول الجوار متحدثاً بسم المتظاهرين طالباً الدعم لهم، وكيف لا تتحرك الغيرة العربية لدعم تلك المظاهرات وهي مظاهرات "العزة والكرامة"
ثم قرر الخنجر، وهو المبدع كعادته، أن يطرح مشروع "جيش العزة والكرامة" وعبر استعرضٍ بسيط ذو طبيعة عسكرية لمجموعة شباب تلك الساحات، استطاع الخنجر تسويق فكرة "جيش العزة الكرامة" الذي قبض عليه أيضاً ما قبض، وبعد أن انتهت موجة الإعتصامات بالطريقة المأساوية التي انتهت بها،
قرر الخنجر الاستثمار في الإنتخابات بعد مشروع الإستثمار في الساحات، فأستقبل الإستحقاق الانتخابي النيابي لعام 2014 بقائمة انتخابية استمد اسمها من "ساحات العزة والكرامة، فجعل اسم قائمته الإنتخابية "كرامة" حتى يجير تلك الإعتصامات لصالح مشروعه السياسي، ورغم أن الخنجر "ذب لحم" في تلك الإنتخابات إلا أنه لم يحصل إلا على مقعد واحد في محافظة صلاح الدين، ذهب لناجح الميزان، الذي كان قد "ذب لحم" هو الآخر في تلك الإعتصامات.
وبعد فشل المشروع الإنتخابي الذي موله ذات المانحين. جاء دور مشروع داعش أو "ثوار العشائر" كما كان يصفهم الخنجر على شاشات بعض الفضائيات العربية ويشيد بما كان يصفه انتصاراتهم ودحرهم للمليشيات الطائفية في إشارة الى الجيش العراقي.
ثم عاد الخنجر بعد فشل مشروع داعش، بالتبشير بمشروع سياسي جديد سماه هذه المرة "المشروع العربي" ومفردة "العربي" هنا ليست على إطلاقها، بل هي على تقدير "العربي السني" لأن معاناة "السُنَّة" يجب أن تبقى حاضرة في كل مشاريع الخنجر، فهي الطريق الإقصر الى جيوب المانحين الخليجيين.
وبعد أن سال لعاب الخنجر على مبادرة التسوية السياسية ورأى فيها فرصة لتسوية أوضاعه القانونية مع الحكومة العراقية وضمان عودته، بحيث دفعه ذلك الى إقصاء بعض أعضاء مشروعه السياسي المتطرفين، لتحسين صورته أمام التحالف الوطني، حيث تصدر قائمة الإقصاء تلك إسماء مثل يحيى الكبيسي وناجح الميزان الذي تحول من نائب امين عام المشروع العربي الى مشرد يجلس على قارعة الطريق في أحد مقاهي اربيل، يحتسي استكان الشاي وينفث دخان سيجارته في نظرة تأمل مشوبة بحسرة على الصديق الذي قدمه قرباناً يتزلف بدمه لخصومه.
اليوم وبعد تعثر مشروع ورقة الأتفاق السياسي يقود خميس الخنجر مشروع تدويل قضية السنة وإنشاء الإقليم السني بقرار أممي تحت أحكام الفصل السابع. ويبقى السؤال مطروحاً، هل أن خميس الخنجر هو قدرنا الذي لا مفر منه؟ أي قدر سوء ذلك الذي انتهى بنسائنا مهانات وبأطفالنا يلوحون بالرايات البيض لتجنب القتل، هل ما سال من دمائنا لا يكفي لإقناع الدول العربية المتعاطفة مع العرب السنة والتي لم تجد سبيلا للتعبير عن هذا التعاطف إلا رجلا واحداً يشرق بمشاريعه يوماً ويغرب يوماً؟