د. حسين القاصد لم يحدث على مر العصور، وفي أي بلد في الكون، ان ترك رب الاسرة بيته يحترق وذهب الى بلد آخر، ليحل ضيفا أو يتفاوض حول أمر مستقبلي ، كما لم يحدث أيضا أن قام رب اسرة بالتفاوض حول الصلح قبل حسم المعركة؛ وبذلك احتار العراقيون، بين من يسعى ويلوّح بالتسوية متناسيا ان استباق الأمر قد يجعل الجندي يشعر بأن قتاله غير مجدٍ، مادامت الامور ستتم تسويتها، ويبدو الأمر عند الطرفين قد دخل مرحلة مابعد داعش قبل الخلاص من داعش، وكأنهم يقولون للعراق اذهب أنت وشعبك فقاتلا، بينما يبقى طرفا التسوية يخططان لقطاف مايكون ضحيته دماء المقاتلين. دون اي شعور بالمسؤولية تجاه شعبهم ومحافظاتهم، طار قادة السنة الى جنيف في وقت يحتم عليهم ولو كذبا ان يقفوا مع ابناء محافظاتهم، وهم بذلك اما ان يكونوا ربحوا واستبقوا النتائج، او خسروا مقاعدهم وحظوتهم عند عرابي التسوية، الذين صرحوا انه لاتسوية ولاحلول من الخارج، وهي رسالة واضحة بان مؤتمركم مرفوض بكل نتائجه، مع هذا، قد يكون المؤتمر مرفوضا، لكن الرفض قد لايشمل المؤتمرين، والا سندخل في دوامة التهميش والاقصاء!!. بين الساحل الايسر والساحل الأيمن عشرات التفجيرات الارهابية، كانت اخطرها ماوقع في مدينة الجوادر فضلا عن تفجير جثة في ثلاجة الموتى في المستشفى نفسه، وانفجار السنك، وتسلل داعش الى النجف، ثم انفجار الحبيبية، وكارثة انفجار البياع ، مع تصاعد في وتيرة الاعمال الارهابية والخطف لا سيما خطف سبعة عشر سائقا في الرمادي؛ لكن البعض في جنيف والبعض مشغول بترتيب اوراق بديلة عن جنيف. وحده المقاتل من يتحمل عبء كل هذه الاحداث، فهو يقاتل دفاعا عمن ذهب الى جنيف ، ويقاتل دفاعا عن المفاوضين في التسوية، ويقاتل دفاعا عن البلد وحكومته، ويدافع عن الشعب، لكن لا احد يعاقب القيادات الامنية التي مزقت ظهور المقاتلين، فكيف لمقاتل ان يندفع باتجاه العدو، وهو يسمع في الاخبار ان تفجيرا ارهابيا كارثيا احرق مدينته، بالتأكيد سينشغل بالهاتف ويحاول الاطمئنان، ثم يتابع المزيد من الاخبار ، حتى يعود ليصدم بخبر سفر البعض من ساسة البلد الى جنيف، وهكذا وعلى الرغم من ان تركيز المقاتل العراقي على النصر واصراره عليه، يراد منه ان يظل مراقبا لخط جنيف الموصل . ستنتهي المعركة التي من المفترض ان تكون آخر الحروب ، ليبدأ بعدها التراشق بين التسويتين ، الجنيفية والمحلية ، ولا شيء عن التقصير الامني في بغداد ، فكل شيء من اجل الانتخابات.