بغداد- العراق اليوم:
يرافق الوضع الامني السيئ في العاصمة بغداد، والذي ينتج عنه "حفلات شواء" مروعة، تهكم شعبي وتندر سياسي، اضافة الى القاء اللوم على الجهد الاستخباري الضعيف. ومع تراجع الامن في العاصمة بغداد، تعيد لجنة الدفاع النيابية طرحها على القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي والجهات الأمنية، "تقسيم بغداد أمنياً"، تكون وزارتا الداخلية والدفاع مسؤولتين عنها. ودخل احد التفجيرات الذي حصل نهاية الاسبوع الماضي، الى اجواء السياسة، بطريقة تهكمية، تزدري من خلاله رئيس "حركة ارادة" قيام رئيس الوزراء حيدر العبادي، بترك ضحايا التفجير ومغادرة البلاد للمشاركة بمؤتمر امني عالمي تحتضنه ميونخ، في المانيا. مجازر كبيرة حصلت في الاونة الاخيرة، راح ضحيتها المئات من المدنيين. ويتفق الجميع بان ضعف الجانب الاستخباري هو العامل الابرز لحدوثها، فيما تغيب اي خطة لمعالجة هذا الجانب، عدا تلك التصريحات التي تعقب التفجيرات وتؤشر هذا الامر، من قبل القادة الامنيين والسياسيين على حد سواء. رئيس حركة ارادة حنان الفتلاوي، اشتهرت بالاونة الاخيرة ببث التعليقات التي ترافق تحركات رئيس الوزراء، وحتى الملف الامني ومقتل المدنيين لم يغب عن "صيدها". وكتبت على مواقع التواصل الاجتماعي مخاطبة العبادي، "والله يا دولة الرئيس مشاركتك اهالي مجزرة البياع مأساتهم ومحاسبة المقصرين أهم بكثير من زيارتك الى ميونخ"، في اشارة الى مؤتمر ميونخ المنعقد في المانيا. وعودة الى تصريحات المسؤولين، عزا رئيس لجنة الامن والدفاع النيابية حاكم الزاملي، تفاقم الهجمات في بغداد الى انشغال المسؤولين الامنيين في العاصمة باستحصال الجبايات على حساب الملف الامني. وقال الزاملي، ان "اهم اسباب عودة التفجيرات في مناطق العاصمة هو انشغال القادة الامنيين باستحصال الجباية من اصحاب الشاحنات الداخلة الى العاصمة، والعزوف عن اجراءات التفتيش والتدقيق مقابل مبالغ مالية". وأوضح، ان "استحصال الاموال تجاوز السيطرات الحدودية للعاصمة الى الكراجات واصبح عمل القادة الامنيين مجرد جباية للاموال لصالح جيوب الفاسدين". وزارة الداخلية اكتفت بعقد اجتماع، بعد يوم من تفجير دام طال منطقة البياع واسفر عن استشهاد واصابة اكثر من مئة شخص، دعا اليه وزير الداخلية الجديد قاسم الاعرجي لبحث التداعيات الامنية وأسباب الخروقات الاخيرة التي شهدتها العاصمة. وقال الاعرجي في بيان تلقت "العالم"، نسخة منه، ان "سياسته قائمة على توفير كافة الامكانيات والدعم المطلق وتخصيص موارد الوزارة المادية والبشرية لدعم قيادة عمليات بغداد في مهمتها لحفظ امن واستقرار العاصمة". ودعا الاعرجي، الى "ضرورة اعتماد المعلومة الاستخبارية الدقيقة والتعاون البناء مع مختلف التشكيلات وبناء اسس علمية رصينة تضمن نجاح العمل الاستخباري"، مشيرا الى "اهمية دور خلية الازمة في الوزارة لبحث التحديات الامنية الخطيرة التي يشهدها البلد وضرورة ان تتخذ الخلية القرارات والأوامر التي تدعم عمل التشكيلات الامنية كافة". بيان الداخلية يؤكد ما ذهبت اليه الاخبار السابقة، بان هناك سبعة اجهزة امنية تعمل في العاصمة بغداد، ولا يوجد تنسيق للمعلومات فيما بينها. ويتضح الامر من خلال الكشف عن هجمات متوقعة بعد تنفيذها، وآخرها الإخطار الذي بثته السفارة الامريكية في بغداد، عن هجمات ارهابية متوقعة تطال الفنادق، ادخل المؤسسة الامنية بحرج، ودعاها الى اصدار بيان تؤكد فيه الامر. من جهته، يتوقع عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية عباس الخزاعي، عن استمرار التفجيرات، بسبب "فشل" العنصر الإستخباري. وقال الخزاعي في تصريح صحفي، أمس السبت، إن "الأمن في بغداد لم يستتب طيلة الـ14 سنة الماضية، كون داعش هو من يختار المكان والزمان لإحداث الخروقات الأمنية، والخطة الأمنية لبغداد فاشلة، لانعدام العنصر الاستخباري"، مشيرا إلى أن "عملية التفجيرات مرتبطة بالوضع السياسي، ولن يتحقق الامن بالخيار العسكري؛ الأمن في العراق لن يتحقق إلا بتسوية سياسية حقيقية لا تسوية مصالح وإنتخابات وإعلام"، على حد قوله. واضاف، أن "هنالك حاجة لتسوية حقيقية، يشعر من خلالها الجميع بأنهم شركاء في هذا البلد والأمن مسؤولية الجميع، وتحقيق الالفة والإنسجام بين المكونات"، مبينا أن "العاصمة غير مسيطر عليها، والسلاح الموجود خارج الدولة أقوى من الذي عند الدولة، والسيطرات غير محمية قانوناً، وفي حال إصطدمت مع ميليشيا أو عصابة لا يوجد قانون يحميها". وأكد أن "لجنة الأمن والدفاع اقترحت على القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي والجهات الأمنية، في أكثر من مرة، تقسيم بغداد أمنياً، وقام بعض السياسيين باستغلال الامر سياسيا"، لافتا الى ان "المقترح كان لتقسيم بغداد امنيا، كرخ ورصافة، وتوزيع الادوار على وزارتي الداخلية والدفاع، وتكون قطعات هاتين الوزارتين امام المسؤولية". وكان عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية حامد المطلك، قد قال في وقت سابق، إن الأمن لن يستتب في العاصمة بقطع الشوارع حتى لو قطعت جميعها، مشيرا إلى أن الأمن يتحقق عندما يتم كسب المواطن من قبل القوات الأمنية والتعامل معه على أساس المواطنة.