بغداد- العراق اليوم:
في رسالة واضحة وشديدة البلاغة السياسية، وضمن جهوده المستمرة والمتواصلة لاستعادة الدولة الغائبة والمغيبة والمختطفة في يد الارهاب مرة، وفي يد الجماعات " المتنمرة" على الدولة التي ما فتأت تستفز الدولة وتحاول ان تستقوي عليها بمختلف الذرائع والحجج، قاد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي حراكاً أمنياً وسياسياً وثقافياً في آن واحد في اشارة منه الى ترابط الملفات السياسية والامنية والثقافية، وفي قراءة مغايرة تماماً لسياسات متبعة كانت تحاول ان تجزأ المشكل العراقي او تضيقه في كونه ضمن معالجات معينة دون اخرى.
الكاظمي ينطلق من فهم مركب لعمق الأزمة في العراق، فهو يعرف ان اعادة الدمج القسري وسياسات الفرض قابلتها سياسات فرض، والاصح في ان يكون شكل العلاقة مع كردستان العراق مثلاً هو سياسة تعميق المصالح المشتركة، والعمل على وصل ما قطعته سنوات الاحتراب الداخلي العنيفة، وبناء ذاكرة مشتركة، تقوم على اساس تقييم حاجة الاقليم المستمرة للمركز، وحاجة المركز للأقليم بوصفه وحدة واحدة ضمن الجغرافيا السياسية التي يتمتع بها العراق ويحتل مركزه الجيوسياسي.
ولعل الهجمات الداعشية الاخيرة التي تستهدف الاقليم خلال الأيام القليلة الماضية، اثبتت حاجة الاقليم المستمرة لدعم واسناد بغداد، ولذا وجد القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي نفسه في مقر متقدم في مخمور ليشرف بنفسه على قيادة عمليات مشتركة لدحر داعش وانهاء خطرها على هذه الوحدة الجغرافية من العراق، ولعل الصورة التي ظهرت في وسائل الإعلام، حيث سيميائية الصورة التي تظهر رئيس الوزراء محاطاً بكم من القيادات الأمنية الرفيعة كردية وعربية تثبت مقولة ان القيادة تحتاج شخصية صارمة ومتوازنة يثق بها الجميع ويتفاعل معها ويستلم أوامره منها بأريحية وصدر رحب.
في المنقلب الاخر، فأن الكاظمي انتقل الى اقصى جنوب العراق، بعد ان كان في شماله لمتابعة ملف البصرة الأمنية، رئة العراق، وشريانه الابهر، حيث النفط والموانئ والثروات الطبيعية الوفيرة، لذا فان العبث بأمنها يعد تهديداً مباشراً للأمن القومي العراقي، وهذا ما يراه الكاظمي بوصفه قائداً امر لا يجب ان يترك.
من البصرة اتت الوعود الصارمة القوية لتقول ان: لا مكان للإرهاب في العراق ككل، ولا مجال للتهاون مع اي جماعة منفلتة او ابتزاز للأمن والنظام، وهذا التهديد انما يمثل خطوة ستقابل بخطوات اشد بأساً وقوة وصلادة، وان الدولة موجودة وحاضرة وجاهزة لاي تحدي.
هذه الرسائل الامنية والسياسية التي ابرقها الكاظمي ضمت بين جوانبها، رسالة ثقافية مهمة جداً، حيث افتتح الكاظمي معرض بغداد الدولي للكتاب في اشارة منه الى اهمية الوعي والثقافة في تقليل الفجوات وتحفيز المجتمع المدني على اخذ دوره في نبذ الارهاب والتطرف، ومحاربة قوى اللادولة بكل مسمياتها والوانها.