حسناً فعلت يا رئيس الوزراء: فالحلم وضبط النفس خصلتان لا تليق الاً بالقادة الحقيقيين مثلك ومثل الزعيم عبد الكريم

بغداد- العراق اليوم:

فالح حسون الدراجي

تابعنا بأهتمام اول كلمة متلفزة لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بعد ساعات من تعرضه لمحاولة اغتيال، وكنا نظن خطأً ان الرجل سيملأ الفضاء تهديداً ووعيدا، وسوف تنز من كلماته روح الثأر والانتقام كرد فعل انساني طبيعي على حادث اريد منه قتله - لا سمح الله - الاً ان الرجل افشل افكارنا هذه، وأحبط توقعنا، واذا به يخرج متحدثاً بلسان ولهجة لم نألفها في قواميس رؤوسنا، تحدث ببساطة وروح رحيمة، وخطاب هادئ صبور متزن، لم ينطق بكلمة ساسحقهم، سأذبحهم، أو سأبيدهم، بل كل ما تحدث به، هو رفضه لأن يصار الى استخدام الاغتيال كسلاح للتفاهم، وان يغادر الجميع لغة الدم الى لغة الحوار والحجة والبرهان، ولم يقل الكاظمي اكثر من كلمة انه سيقدم الفاعلين الى القضاء العادل لينالوا جزائهم اياً كانوا، مؤكداً ان الاستهداف لم يكن شخصياً فحسب، بل استهدف البلاد، واراد الزج بها في مسار مظلم.

حين انتهينا من متابعة الخطاب، تذكرنا مشهدين مع الفارق الشاسع والبون الذي لا يدانى بين كلاهما، تذكرنا عفو ورحمة الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم، وكيف انه تسامح وتسامى وكان أكبر من منطق الثأر والانتقام، وعفا عمن حاولوا بخسة ونذالة اغتياله وهو لا يزال في اول طريق التأسيس لدولة الفقراء، كما مر بخاطرنا كذلك تلك الجريمة النكراء التي ارتكبها الدكتاتور صدام حين إدعى تعرضه لمحاولة اغتيال، فأباد الدجيل بناسها ونخلها وأرضها رغم انه لم يقدم دليلاً مقنعاً ازاء ما ادعاه.

لقد تأملنا المشهد الحالي بتأنِ، فأذا نحن امام رجل يستحضر الزعيم روحاً ومعنى، ورأينا كيف ان الكاظمي ينتمي لمدرسة الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم، وكيف انه تسامى وتعالى على عواطفه الانسانية، ولم يغلب الأنا على الجميع، قالها بصراحة: انا خادم لشعبي، واضع نفسي امامه، فحمداً لله كثيراً إننا استعدنا زعيماً وطنيا مخلصاً، وتخلصنا من ذاكرة الدكتاتورية البشعة، وما بينهما انتصرت الديمقراطية وقيم المواطنة الصالحة، ولم يعد الحاكم نصف أله، بل صار مواطناً مثلنا يحتكم للقانون حين يتعرض الى ظلم، ويؤمن بالعدالة كحل وحيد، ويضع الله  نصب عينه دوماً وابداً.

علق هنا