بغداد- العراق اليوم: لم يمضِ أي رئيس وزراء تحملّ المسؤولية بعد ٢٠٠٣، في حقل الغام خطير، كما سار ومشى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي خلال عامه الذي امضاه في السلطة، صحيح ان رؤساء الوزارات المتعاقبين، واجهوا مشاكل متعددة، ليس اقلها الارهاب والتمرد (السني)، وبعضهم واجه استحقاقات مرحلة داعش، لكن الوضع انذاك كان يعينهم بلحاظ الدعم الشعبي والرعاية الجماهيرية الواسعة التي كانت تحظى بها الحكومات وقتذاك، لكن مع حكومة الكاظمي فأن متغيرا جديدا طرأ على المشهد، تمثل بانفصال عرى العلاقة بين الدولة والمجتمع، وانتهت تلك الجذوة الوهاجة التي كان يتمتع بها نظام ما بعد صدام حسين، وللأسف لم تحسن الحكومات صنعا بتدميرها لهذه العلاقة، وقطعها لصلتها مع الشعب الذي وجد نفسه مضطراً تحت تأثير حالة الانسداد السياسي، والتشظي المستمر، وحالة اللامسؤولية، الى ان يهب في وقفة شعبية عارمة، كان لها ما يبررها، وكان يمكن ان يتدارك النظام السياسي وقتها هذا الارتداد بمرونة اكبر، والاحتكام مبكراً لاسس العملية الديمقراطية بدون دماء واصطدام عنيف. هذا لم يحدث، ومضينا باتجاهات خطرة، ومسارات ملتوية، وانكسارات حادة تركت ندوبها على جسد المجتمع، وتسببت بشروخ وندب لا تزال ندية وبحاجة الة مراجعة دقيقة. في مثل هذه الظروف تسلم الكاظمي المهمة التي كانت مستحيلة وقاسية وصعبة، فكيف ستقود حكومة منبثقة عن مجلس نيابي واجهته الناس بكل هذا الرفض القاطع، وكيف ستعيد العلاقة بين مؤسسات الدولة والمجتمع مجدداً بعد ما صنع الحداد بينهما كما يقال. الادهى من هذا كله، هو حالة الانكماش الاقتصادي الذي واجهه العراق، حد عجزه عن تأمين رواتب ملايين الموظفين والمتقاعدين واصحاب التأمين الاجتماعي، وكل هذه التحديات الثقيلة تهون، اذا ما لاحظنا حجم الشد والتوتر الذي عاشته المنطقة اثر اصطدام ادارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب مع القيادة الايرانية، وطبول الحرب التي كانت تسمع في منطقة متأزمة. بهذه الاجواء المفجعة، مارس الرجل مهامه في وقت كان ولنقلها بصراحة، يراهن الجميع على الفشل، فيما كنا نحن من ضمن فئة قليلة جداً نؤمن إيمانا قاطعاً ان هذه الحكومة لا خيار امامها سوى النجاح، فالعراق امام تحدٍ وجودي، فأما أن يكون او لا يكون وتلك هي المسألة. نجحت الحكومة وتجاوزت الصعاب، ولا تزال تخوض في لجج بحر هائج، لكنها مؤمنة ان لا مستحيل امام إرادة الشعوب، وان الانتصار هو أولاً قوة ايمان وصلابة مواقف في وقت تعز فيه المواقف.
*
اضافة التعليق