بغداد- العراق اليوم:
أجبر التضخم المرعب العديد من البنوك المركزية حول أنحاء العالم لاتخاذ إجراءات أكثر تشددا لمواجهته.
ومع ظهور دلائل متزايدة على أن رعب التضخم الذي انتشر مؤخرا لن يختفي قريبا وسط أزمات سلاسل الإمداد والتوريد، وارتفاع أسعار السلع الأولية، وزيادة الطلب، فإن كثيرا من البنوك المركزية بدأت في سحب حزم التحفيز النقدي الطارئة التي أطلقتها لمواجهة ركود الاقتصاد بسبب انتشار جائحة كورونا العام الماضي.
ففي الوقت الذي يستعد فيه بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لإبطاء وتيرة برنامج شراء الأصول، فإن أقرانه في كل من النرويج، والبرازيل، والمكسيك، وكوريا الجنوبية، ونيوزيلندا اتخذوا خطوات فعلية في هذا الاتجاه والتي تمثلت في زيادة أسعار الفائدة في محاولة لتقليص الإنفاق ببلدانهم.
تلك الخطوات أيدها تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي الثلاثاء الماضي نصح فيه البنوك المركزية مثل الاحتياطي الفيدرالي في أمريكا، بضرورة أن تكون مستعدة لتشديد السياسة في حالة خروج التضخم عن السيطرة. بنك إنجلترا على النهج
ودفعت تلك الأجواء العديد من صناع القرار إلى التحذير من تواجد بيئة اقتصادية تتسم بالركود التضخمي، وفي هذا الإطار قال هيو بيل، كبير الاقتصاديين الجديد لدى "بنك إنجلترا"، الأسبوع الماضي، إن "ميزان المخاطر يميل حاليا نحو تعاظم القلق بشأن معدلات التضخم المتوقعة، إذ يبدو أن قوة التضخم الحالية ستستمر لفترة أطول مما توقعنا سابقا".
من جانبه حذر نائب محافظ البنك المركزي الأوروبي، لويس دي جيندوس، الشهر الماضي من أنه من المتوقع أن يصل معدل التضخم إلى ذروته خلال شهر نوفمبر عند حوالي 3.4% أو 3.5%، وشدد على ضرورة توخي الحذر تحسبا لارتفاع مفاجئ في معدل التضخم، وأشار إلى أن الأجور حتى الآن لم تظهر مؤشرات على الارتفاع.
ومع اتجاه الأنظار لما سوف يقوم به المركزي الأمريكي خلال اجتماعه في شهر نوفمبر المقبل فأن جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي قام بخطوة نحو تخفيض حزمة الدعم الهائلة التي وضعت لمواجهة الجائحة.
فخلال الشهر الماضي، قال باول إن البنك المركزي للولايات المتحدة قد يبدأ في تخفيف مشترياته الشهرية من السندات في نوفمبر المقبل أو ما يعرف ببرنامج شراء الأصول، وأضاف إن ذلك يأتي في قمة أولويات البنك إلى جانب إقناع الأمريكيين أنه لن يغفل عن معدل التضخم الذي تجاوز الأرقام المتوقعة.
أما البنك المركزي الأوروبي فيستعد هو الأخر لإجراء تحديث كبير على سياسته في ديسمبر القادم، وقد قرر فعلا صناع السياسة النقدية بقيادة كريستين لاغارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي بإبطاء عملية شراء السندات التي أُقرت في برنامج مواجهة الجائحة في الربع الأخير من العام والذي تبلغ تكلفته 1.85 تريليون يورو (2.2 تريليون دولار)، وربما يسمحون بانقضاء هذا البرنامج في مارس القادم.
ومع اتجاه معدل التضخم في المملكة المتحدة إلى الارتفاع متجاوزا ضعف مستهدف البنك المركزي البريطاني الذي يبلغ 2% بحلول نهاية العام، فأن التخمينات تتعاظم بأن "بنك إنجلترا" سيكون بين أوائل أقرانه في مجموعة الدول السبع الذي يبدأ في إلغاء سياسة تخفيض سعر الفائدة التي انتهجها خلال فترة انتشار الجائحة.
في حين قام البنك المركزي الكندي بتخفيض وتيرة شراء السندات الحكومية ثلاث مرات على مدى العام الماضي، وينتظر أن يخفف من شراء الأصول مرة أخرى خلال الشهر الجاري إلى مليار دولار كندي من سندات الحكومة الكندية أسبوعيا، وسط ترقب لنتائج اجتماعه المقبل في 27 من أكتوبر الجاري.
البنك المركزي في الصين بدأ هو الأخر خفضا تدريجيا في حركة توسيع الائتمان بهدف السيطرة على المخاطر المالية خلال العام الحالي، بمجرد أن حقق التعافي الاقتصادي من تأثير جائحة كورونا تقدما بوتيرة سريعة.
غير أن دلائل ضعف أداء الاقتصاد الصيني خلال النصف الثاني من العام، دفع السلطات إلى أن تغير اتجاهها فجأة في يوليو الماضي عبر تخفيض كمية النقود التي تحتفظ بها البنوك في أرصدة الاحتياطي جزئيا لمساعدة البنوك في توفير احتياجاتها من السيولة، ولكن أيضا لزيادة إقراض الشركات الصغيرة التي تضررت من ارتفاع أسعار السلع الأولية.
*
اضافة التعليق