باحث تركي يتحدث عن الفراغ الذي تركه المرجع الراحل الحكيم، ويعلل سبب بروز السيد محمد رضا السيستاني مؤخراً

بغداد- العراق اليوم:

ناقش الباحث التركي بلكاي دومان، الحاصل على الدكتوراه في العلاقات الدولية، والذي يشغل منصب منسق لأعمال العراق في مركز دراسات الشرق الأوسط في أنقرة ORSAM التركي التحديات التي تواجهها الحوزة الدينية في النجف الأشرف بعد رحيل اية الله محمد سعيد الحكيم، مطلع الشهر الجاري.

وقال دومان في ورقة بحثية، تابعها (العراق اليوم)، " كانت هناك أربع مرجعيات دينية شيعية رئيسة مقبولة من الجميع في العراق. هؤلاء هم آية الله علي السيستاني الذي يعتبر أكبر مرجع ديني شيعي في العراق والمسؤول عن الحوزة، إضافة إلى المتوفى آية الله السيد محمد سعيد الحكيم، وآية الله إسحاق الفياض، وآية الله بشير النجفي. ويعتبر الشيعة رجال الدين هؤلاء بأنهم بمرتبة "آية الله العظمى". ويعرف بأن هناك غير هؤلاء الأربعة، أكثر من 20 رجل دين ارتقوا إلى مرتبة آية الله، أي أن هؤلاء في مرتبة إصدار الفتوى. لكنهم يقرون ببعدهم جداً عن الأربعة الآخرين من حيث المعرفة والخبرة والاعلمية وعدد المقلدين. من ناحية أخرى، تدار الحوزة التي يقدم فيها التعليم الديني في النجف تحت قيادة المرجع الديني الشيعي الأكبر آية الله علي السيستاني. لكن، المراجع الثلاثة الآخرين الذين يحملون مرتبة "آية الله العظمى" لهم رأي مؤثر أيضا.

ورغم ذلك، فإن إدارة السيستاني لها أهمية كبيرة في وجهات النظر التي تنبثق من الحوزة.

  وأضاف " جدير بالذكر أن هناك حديث بشأن أن آية الله الحكيم كان أحد أهم المرشحين لقيادة حوزة النجف بعد السيستاني، بل كان أقوى المرشحين لخلافة السيستاني، لاسيما أن كلٍ من المرجعين الشيعيين الآخرين (الفياض والنجفي) يعانيان من أمراض مزمنة، فضلاً عن كونهما من أصول غير عربية أو عراقية وليسا من السادة (من نسل الرسول محمد)، إضافة إلى أن هناك اعتقاد بأن الحكيم أفضل منهما في العلم والمعرفة بشكل عام.

كما أن هناك عدداً من العناصر الهامة التي تساهم في بروز الحكيم، وهي أنه من إحدى أكبر عائلتي العلماء الشيعة في العراق (الحكيم والصدر)، وهو السيد الوحيد الذي "ينتمي بنسبه إلى آل البيت" إضافة للسيستاني ممن يحملون مرتبة "آية الله العظمى"، وأن عائلة الحكيم تركز على هويتها العراقية بشكل قوي. إضافة إلى ذلك فإن اعتقال آية الله الحكيم من قبل صدام ومكوثه في السجن في الفترة 1983–1991، وعدم قبوله مغادرة النجف رغم ضغوطات نظام صدام، يضع آية الله الحكيم في مكانة عالية في نظر أبناء الشعب العراقي.

واشار " من ناحية أخرى، فإن بقاء الحكيم بعيداً تماما عن السياسة وإيلائه أهمية لهويته العراقية وموقفه الواضح تجاه ولاية الفقيه، من أهم الخصائص التي ميّزت الحكيم عن غيره من آيات الله العظماء. وفي هذا الصدد، سيخلق موت الحكيم فراغا كبيرا بالنسبة للنجف والعالم الشيعي والعراق كذلك. وعلى الرغم من وجود أسماء في العائلة يمكنها أن تحل محل الحكيم، إلا أنه لن يكون من السهل ملء الفراغ الشاغر للراحل الحكيم، حيث لا تعتبر عائلة الحكيم جزءاً مهماً من الناحية الدينية فقط، بل مهمة أيضا في السياسة العراقية.

حيث يعتبر عمّار الحكيم ومن قبله والده عبد العزيز الحكيم من أهم الفاعلين الرئيسيين في السياسة العراقية في فترة ما بعد 2003. وعلى الرغم من بقاء آية الله الحكيم بعيدا عن السياسة، إلا أن علاقات القرابة الوثيقة تجعل عائلة الحكيم قوية سياسيا في العراق.

لكن القضية الرئيسية هنا ليست كيفية سد الفراغ في عائلة الحكيم، بل من هي الشخصية التي ستبرز مع وفاة الحكيم لفترة ما بعد السيستاني. فقد انتشر مؤخرا بأن محمد رضا السيستاني نجل آية الله علي السيستاني بدأ يظهر كثيرا في الفترة الأخيرة وأنه يعد نفسه لفترة ما بعد السيستاني. جدير بالذكر أنه أقام علاقات وثيقة مع مؤسسة الإمام الخوئي التي افتتحت معهدا في النجف عام 2017، وتتخذ هذه المؤسسة من العاصمة البريطانية لندن مقرا لها. ومن المعروف أن آية الله أبو القاسم الخوئي كان زعيم النجف في الفترة بين 1970–1991 قبل السيستاني. وفي هذا النقطة، يعتبر تأثير الخوئي كبيرا على حوزة النجف. وإضافة إلى ذلك، تمتلك مؤسسة الإمام الخوئي مورداً اقتصادياً قوياً أيضا.

وتابع "  لهذا السبب، يقال إن محمد رضا السيستاني يعد نفسه لمرحلة ما بعد والده من خلال الدعم الذي يتلقاه من مؤسسة الخوئي. لكن لا يمكن تجاهل الديناميكيات الداخلية للحوزة. وعلى الرغم من وجود صراعات من وقت لآخر، إلا أن هناك معايير خاصة بالحوزة لتحديد أعلى سلطة، وتحاول النجف الحفاظ على هذه القيم والمعايير مهما كانت الظروف والمبررات والأسباب.

علق هنا