بغداد- العراق اليوم: تُبنى البلدان وتزدان وتتطور وتزدهر بحضارتها، وتبنى الحضارات على اساس واحد فحسب، احترام الانسان بما هو انسان، ولاريب ان انتعاش اي حضارة مرتبط مع انتعاش فئات المجتمع بكل أطيافه وتنوعاته، ووجود دولة تكون حاضنة لهذا الانتعاش والتطور . في الامم المحترمة يعامل المثقفون والفنانون والادباء معاملة خاصة تتناسب مع وضعهم النفسي والابداعي الخاص، وتراعى خواص العلاقة القلقة مع محيطهم، كونهم فئات مرهفة الاحساس، عالية التوثب لمكامن الجمال، باحثة في فضاءات الخيال، اكثر من فضاء الواقع الذي سيشكل لهم اغترابا نفسيا وذاتياً مؤلماً، لاسيما ان وجدوا اهمالاً او صدوداً لهم من مجتمعهم المحيط. ويقيناً أدرك ويدرك الرئيس الكاظمي الذي ينتمي لعوالم المعرفة والابداع والجمال هذه الجزئية، لذا تراه يحنو بكل عطف ابوي وأخوي على الفئات الاكثر حاجةً لإهتمام وتعضيد الدولة ورعايتها رعايةً خاصة . فمنذ توليه منصبه يوالي الكاظمي المبادرات الواحدة تلو الأخرى، حيث بادر الى متابعة واضحة لحالة الفنان الكوميدي الكبير محمد حسين عبد الرحيم، واوفده على نفقة الدولة الى خارج البلاد، وتولى تأمين الكثير من احتياجاته الاساسية مع اسرته الكريمة. واليوم يعيد (ابو هيا) ذات الموقف مع فنان كوميدي اخر، هو الفنان المبدع جاسم شرف، الذي أفنى سنين عمره في عوالم المسرح ينثر الابتسامة ويحصد المحبة. الكاظمي استمع لهمومه ولواعجه فأوفد له الرجل الامين، سكرتير القائد العام للقوات المسلحة، الفريق محمد البياتي الذي نقل له تحيات الرئيس وامنياته له بالشفاء . كما وافق على منحه قطعة أرض سكنية له ولعائلته مع رعاية صحية من الدولة، فضلا عن مبلغ مالي كمكافأة او اعانة له . كل هذا يضاف له اهتمام ورعاية الدولة لابنائها جميعاً دون تفريق او تمييز، فالرجل يبحث عن الطبقات الاجتماعية الاكثر حاجةً والاكثر استحقاقا لرعاية الدولة ومؤسساتها. ومن يعرف الكاظمي سيعرف ان للرجل سيرة ثرة وطيبة مع عموم مثقفي ومبدعي بلده سواء اكان في منفاه وعمله الثقافي المعارض ابان الدكتاتورية، او ما بعدها حتى حين ترأس جهاز المخابرات الوطني لم يغفل دعم شرائح المبدعين والفنانين والشعراء الكبار، وكلنا يتذكر كيف استقبل بحفاوة وتقدير بالغ شاعر العراق الكبير وايقونة الثورة اليسارية الماجدة، مظفر النواب الذي عاد من مغتربه لبلاده التي عانت كثيرا سنوات الاهمال والجور والظلم. مبادرة الكاظمي اليوم برعاية الفنان جاسم شرف مثلما هي موقف وطني يحسب للدولة، فهي موقف إدانة لكل من تولوا المسؤولية قبل الرجل، فهل يعقل ان رئيسا للوزراء مثل عبد المهدي أو غيره ممن قدموا من دول اوربا وحضارتها، لم يلتقوا فناناً واحداً طيلة رئاستهم!، فضلا عن اهمال هذه الشريحة وازدرائها بقسوة وكأنها عورة وعيباً اجتماعياً. لسنا في وارد اطراء او مدح الكاظمي، لكننا نؤكد ان للرجل سيرة وموقفاً حسناً مع هذه الشرائح وستظل مسجلة في سفرهم الابداعي الذي سيبقى ذاكرة الناس، وحارس تراث الوطن، ويزول الجميع حتماً .
*
اضافة التعليق