بغداد- العراق اليوم:
كشفت عملية استعادة السيطرة على جامع النبي يونس من تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" حجم الدمار الذي ألحقه عناصر التنظيم بالجامع.
القوات العراقية تحرر 80 في المائة من شرق الموصل
وكان الجامع الذي شيد على مقبرة لنبي ذكر في القرآن باسم يونس والانجيل باسم يوحنا، مقصدا شعبيا للحج.
وعلى مدى قرون ظل الجامع شاخصا على تلة وسط الموصل تعرف بـ "تلة التوبة" قبل أن يقدم التنظيم في تموز/يوليو 2014 على تفجيره بالكامل وهو ما أثار غضبا شعبيا كبيرا وتنديدا دوليا.
وفي محاولة منه لمواجهة سخط السكان المحليين هدد التنظيم بتصفية كل من يحاول الاقتراب من الجامع وتفقد الدمار الذي طاله.
وفي ١٦ كانون الثاني/يناير، استعادت قوات من جهاز مكافحة الارهاب السيطرة على منطقة الجامع ورفعت العلم العراقي عليه.
وتحدث الشيخ محمد الشمّاع وهو المسؤول عن الجامع حول ما حّل بهذا "الصرح الأثري الذي حوله الإرهابيون إلى أطنان من الحجارة".
وقال الشمّاع الذي كان إماما وخطيبا بالجامع لأكثر من 22 عاما إن عناصر داعش لم يتركوا شيئا "كل شيء دمروه".
وأضاف أن داعش وبعد أسابيع قليلة فقط من احتلالها المدينة "أول ما قامت به هو نسف الجامع في تعدٍ صارخ على كل القيم الدينية والإنسانية والإرث الحضاري".
وأشار إلى أن تحرير ذلك المعلم يمثل "كسرا لأنف داعش ولشعاراتها المزيفة ومنها أن دولتها المزعومة باقية وتمتد".
تصميم على اعادة البناء
وأكد الشمّاع أن إعمار الجامع سيتطلب جهدا وطنيا كبيرا ومساعدة من جهات دولية.
وأوضح "سنحتاج لأعمال تأهيل يقودها معماريون ومهندسون متخصصون بإعادة بناء المباني القديمة ذات الطابع الأثري والحضاري".
وأضاف "وسنخاطب منظمة (يونسكو) وكل المؤسسات العالمية المعنية لمعاونتنا في الإعمار"، مرجحا أن تستغرق أعمال الترميم مدة لا تقل عن خمس سنوات.
ويذكر عبد الرحمن الوكاع، عضو مجلس محافظة نينوى أن جامع النبي يونس يحتفظ بمكانة رفيعة ومقدسة لدى أهالي الموصل تحديدا وللمسلمين بشكل عام.
ويتابع حديثه ان هذا الجامع لم يكن مكانا للصلاة فقط، وإنما معلما أثريا عريقا ومركزا يستقطب الزائرين من مختلف بقاع الأرض على مر الأجيال لرمزيته التاريخية وقدسيته".
وكان الوكاع، حسبما يؤكد، واحدا من قلة مهندسين شاركوا بآخر عملية ترميم واسعة للجامع امتدت من العام 1990 إلى 1992.
وأشار إلى أن أعمال الترميم تضمنت حقن جميع أبنية الجامع المصنوعة من حجر الحلان بمواد تساعد على زيادة تماسكها وبما لا يؤثر على المخطوطات والنقوش القديمة المحفورة على الجدران.
"والآن كل موجودات هذا الصرح أصبحت حجارة. مئذنته الشاهقة وقبابه وسوره الخارجي كلها دمرت ولم يتبق منه سوى السرداب"، وفق ما أضاف.
وتابع الوكاع "الضرر كبير جدا. لكن المهم إن الجامع لم يعد تحت سيطرة الإرهابيين وسنعمره ونعيده كما كان في السابق مهما احتجنا من وقت لذلك".
ولفت إلى أن الخطوة الأولى في عملية إعادة البناء ستتمثل بإعداد دراسة متكاملة للعمل تأخذ بنظر الاعتبار الأثر التاريخي للمعلم وقيمته العمرانية.
"وبهذا الصدد يجب إلقاء مسؤولية الترميم على ذوي الخبرة والكفاءة العالية وتحقيق شراكة فاعلة مع المؤسسات الدولية ذات العلاقة"، وفق الوكاع.
فرض الأمن في المنطقة
ويخضع الجامع والمنطقة السكنية المحيطة به حاليا لحراسة مشددة من قوات مكافحة الإرهاب.