هل يلجأ لبنان لاحتياطي الذهب لإطفاء نيران "دعم الوقود"؟

بغداد- العراق اليوم:

وسط البحث عن حل للأزمة العاصفة التي يمر بها الاقتصاد اللبناني، يطرأ على السطح إمكانية تسييل احتياطي الذهب لامتصاص صدمة قرار دعم الوقود.

وتراجع الاقتصاد اللبناني إلى قاع جديد خلال الأسبوع الماضي، ومطلع الأسبوع الجاري، بالتزامن مع قرار لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وقف دعم أسعار الوقود المستوردة إلى السوق المحلية.

تشير توقعات مؤسسات اقتصادية في لبنان أن سعر صفيحة البنزين المؤلفة من 20 لترا، سيصعد إلى أكثر من 330 ألف ليرة (218.5 دولار وفق سعر الدولار الرسمي) من متوسط 76 ألف ليرة (50.3 دولار).

ويبلغ سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق الرسمية (البنك المركزي)، نحو 1510 ليرات لكل دولار واحد، بينما يبلغ سعر الدولار في السوق الموازية أزيد من 20 ألف ليرة.

في المقابل، تظهر البيانات الرسمية لمصرف لبنان، أن صافي احتياطات النقد الأجنبي تراجعت إلى أقل من 14 مليار دولار أمريكي بحلول النصف الأول 2021، مقارنة مع 27 مليار دولار قبل اندلاع الأزمة في أكتوبر/تشرين أول 2019.

وحتى نهاية النصف الأول من العام الجاري، أظهر تقرير من مجلس الذهب العالمي، حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، أن لبنان يملك 286.8 طنا من الذهب ضمن أصوله الاحتياطية.

وتبلغ القيمة السوقية للذهب وفق أسعار المعدن الأصفر بنهاية تعاملات الأسبوع الماضي، قرابة 17 مليار دولار أمريكي، لكن قرار السحب من الاحتياطي، بيد البرلمان والمصرف المركزي.

وعلى الرغم من انهيار أسعار الليرة، وانتعاش السوق الموازية (السوداء)، إلا أن احتياطي الذهب ما يزال يشكل جدارا أمام انهيار أكبر بسعر العملة المحلية أمام النقد الأجنبي في السوق اللبنانية.

وتحتل لبنان المرتبة العشرين عالميا، كأكبر حائز على احتياطات الذهب ضمن أصولها الاحتياطية، إذ لم يمس البنك المركزي الاحتياطات منذ اندلاع أزمته الاقتصادية والمالية والنقدية الحالية، بحسب بيانات مجلس الذهب العالمي.

ويشكل هذا المبلغ، قيمة دعم السلع في لبنان لمدة ثلاث سنوات فقط، بعدها ستكون البلاد أمام أزمة انهيار نقدية أعمق بكثير مما هي عليه الآن، مع وجود أزيد من 50 مصرفا محليا ووافدا عاملة.

ويحتاج لبنان إلى سيولة بالنقد الأجنبي تتجاوز 20 مليار دولار سنويا خلال الأعوام الخمسة المقبلة، للإيفاء بالتزاماته تجاه ودائع العملات المقومة بالدولار، وتجاه السوق المحلية التي تشهد تزايدا في الطلب على الدولار.

وأمام هذه الأزمة المتصاعدة، فإن فرص حصول البلاد على دعم فني من صندوق النقد الدولي، وقرض دولي مقوم بالدولار، ستتضاءل، مع غياب حكومة تملك برنامج استقرار سياسي واقتصادي.

وفجر الأحد، انفجر صهريج مازوت، في بلدة تليل بعكار شمالي لبنان، ما أسفر عن وقوع عشرات القتلى والمصابين.

وأشعل حادث انفجار صهريج الوقود موجة الغضب بين اللبنانيين الذين عبروا عن سخطهم من واقع متردٍّ يسوء يوما بعد يوم.

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان فيديو لوالد أحد الضحايا يقول باكياً: "شو بدي قول لأولادي! إخوتكم ماتوا كرمال البنزين".

أزمة المشتقات النفطية

وفشلت كل الرسائل والدعوات التي وجهها الرئيس اللبناني لمؤسسات الدولة للخروج من مأزق إعلان حاكم مصرف لبنان عن عدم القدرة على دعم المحروقات وسط تفاقم الأزمة وغليان الشارع اللبناني.

واختفى زيت الوقود من الأسواق وتصبب اللبنانيون عرقا في المنازل بلا إضاءة أو أجهزة تكييف، وباتوا يتخلصون بطبيعة الحال من محتويات أجهزة التبريد (الثلاجات)، في الوقت الذي يضطرون فيه للوقوف بالساعات في محطات الوقود بانتظار البنزين الذي تحول إلى سلعة نادرة.

يقول كثيرون إن أوضاع الحياة أسوأ مما كانت عليه في الحرب الأهلية بين سنتي 1975 و1990.

إنه سقوط جديد باتجاه القاع في الأزمة المالية التي اندلعت أواخر 2019 بفعل عقود من الفساد وسوء الإدارة من نخبة حاكمة تواصل الفشل في العثور على حلول، بينما سقط أكثر من نصف اللبنانيين في براثن الفقر.

نقص الكهرباء

وقال وزير الطاقة اللبناني للصحفيين يوم الأربعاء، إن البلاد بحاجة إلى 3000 ميجاوات من الكهرباء لكنها لا تملك من الوقود إلا ما يكفي لإنتاج 750 فقط. ويقول الناس إن الكهرباء لا تصل إليهم إلا لساعة أو ساعتين من الشبكة يوميا، إن وجدت من الأساس.

ومن شأن نقص المازوت أن يحرم الناس من تشغيل المولدات الخاصة لسد النقص.

وتعاني الشركات والأعمال الكبيرة أيضا من نفس المشكلة.

الخبز

وقال رئيس نقابة أصحاب المخابز علي إبراهيم إن بعض المخابز وجدت نفسها عاجزة عن الاستمرار هذا الأسبوع، مضيفا أن هذا أمر يتعلق بطعام الناس ولا يمكن التلاعب فيه.

من جانبه، قال سليمان هارون رئيس اتحاد المستشفيات الخاصة إن المستشفيات تعمل يوما بيوم.. "قلة قليلة منها فحسب لديها ما يكفي ليومين أو ثلاثة أيام"، مضيفا أن الإمدادات الطبية ضئيلة وأن العاملين لا يجدون البنزين للوصول إلى العمل.

وقالت سعاد عقل، المدير العام لمعامل ألفا التي تنتج محلول الملح ومستلزمات طبية أخرى لرويترز هذا الأسبوع إن منشآتها أُغلقت لأول مرة منذ نحو 50 عاما.

علق هنا