بغداد- العراق اليوم: علي شدهان لم يكن مستغرباً أو خارج نطاق التوقعات، أن يتم إلغاء أو مقاطعة نسخة من دورات الألعاب الأولمبية، وهي الحدث الأبرز والأكبر والأهم والأشهر في عالم الرياضة، نتيجة الحروب الفعلية «الساخنة»، أو الحروب الباردة بين القوى العظمى. ولكن أن يدخل المرض، وتحديداً وباء «كورونا» في جعل الأولمبياد، خرساء كما يحدث في دورة طوكيو 2020، المتواصلة منذ 23 الجاري وحتى 8 أغسطس بضيافة اليابان، فهذا هو المستجد الفارق حقاً، والذي لم يكن على بال وخاطر أحد في العالم! غياب قسري أولمبياد طوكيو 2020، الدورة الخرساء، هذه الحقيقة التي نؤشرها بعيداً عن دائرة التقييم الفني للمنافسات، وما حدث من تفاصيل في حفل الافتتاح من إبهار ياباني معهود، ما نعنيه بـ «الدورة الخرساء»، هو الغياب القسري والفعلي للجمهور من على مدرجات الملاعب. ومقاعد الصالات، غياب ظهر فارقاً إلى حد الألم والحسرة على أصوات ذلك الجمهور عند فوز هذا الرياضي أو ذاك، وعند الانطلاق من خط البداية، أو الوصول إلى نقطة النهاية فرحاً بتحقيق رقم جديد، أو متوجاً بميدالية أولمبية! أصوات الجمهور وبكل تأكيد أن كل رياضي يظهر على المسرح الأولمبي، يعشق سماع أصوات الجمهور في الملعب وفي الصالة، باعتبار ذلك استحقاقاً له، ودليلاً على تفوقه في تحقيق إنجاز تاريخي للرياضي نفسه ولبلده، وهذا ما تفتقده دورة طوكيو الخرساء بفعل تطبيق الإجراءات الاحترازية الصارمة من وباء «كورونا»، وما فرضه مسبقاً من تأجيل موعد انطلاقة الدورة من عامها المحدد مسبقاً 2020، إلى العام الجاري 2021! شواهد ومواقف وفيما فرض «كورونا» على دورة طوكيو 2020، أن تكون خرساء، بإسكاته أصوات الجمهور في النسخة 32، فإن تاريخ الألعاب الأولمبية يحفل بالشواهد والمواقف ربما الأكثر إيلاماً من «الخرس» المفروض حالياً على دورة طوكيو، منها الإلغاء التام، والمقاطعة، وعدم المشاركة من بعض الدول في دورات أولمبية سابقة. أكبر حدث وبينما تمكن «كورونا» من حرمان دورة طوكيو من نغمات الجمهور، دون إلغائها، فإن الحروب الفعلية «الساخنة»، قد فرضت الإلغاء التام على 3 دورات أولمبية، فيما كادت المقاطعة المتبادلة أو ما كان يعرف بـ «الحرب الباردة»، بين الدول، كادت أن تعصف بمصير دورتين أولمبيتين نتيجة عدم المشاركة في المنافسات من بعض الدول! عودة تاريخية وبالعودة إلى التاريخ، فإن 6 دورات من أصل 32 دورة أولمبية، قد شهدت أحداثاً أدت إما إلى الإلغاء التام أو المقاطعة الواسعة بعدم المشاركة في المنافسات، أو التأجيل وحرمان الجمهور من الحضور إلى الملاعب والصالات، الأمر الذي جعل العالم، في حالة توجس شبه دائم من حدوث موقف فارق قبيل انطلاق منافسات الدورة. أول إلغاء وشهدت دورة الألعاب الأولمبية التي كان مقرراً إقامتها في برلين الألمانية في العام 1916، أول الأحداث والمواقف الفارقة في التاريخ الأولمبي، بإلغاء تلك الدورة نهائياً نتيجة تواصل نيران الحرب العالمية الأولى التي نشبت في العام 1914، قبل أن يشهد العام 1940، إلغاء مماثلاً لدورة الألعاب الأولمبية التي كان مقرراً لها في طوكيو بعد نشوب الحرب بين اليابان والصين، الأمر الذي أدى إلى اتخاذ قرار بإسناد مهمة تنظيم تلك الدورة إلى فنلندا وبالتحديد في مدينة هلسنكي في ذات العام، لكن اشتعال نيران الحرب العالمية الثانية، أدى إلى إلغاء تلك الدورة. العام 1944 وعاد الإلغاء ليطل برأسه المقيت في العام 1944، بتسببه بإلغاء دورة الألعاب الأولمبية التي كان مقرراً لها في لندن في العام 1944 نتيجة تواصل اشتعال نيران الحرب العالمية الثانية، ما أدى إلى أن يعيش الوسط الرياضي العالمي على وقع مرارة التعايش مع الإلغاء الثاني في التاريخ الأولمبي المعاصر. 14 دولة وفي العام 1980، دخلت دورات الألعاب الأولمبية في معترك مختلف من المواقف الفارقة، بدخول متغير المقاطعة وعدم المشاركة نتيجة الحرب الباردة بين الأقطاب العالمية الكبرى، وذلك بمقاطعة دول عدة دورة ألعاب موسكو، واقتصار المشاركة على 80 دولة فقط، قبل أن يتواصل مسلسل المقاطعة وعدم المشاركة في دورة ألعاب لوس أنجليس الأمريكية في العام 1984، والتي قاطعتها 14 دولة.
*
اضافة التعليق