لماذا اختار الكاظمي بلجيكا وايطاليا دون سواهما من بلدان الاتحاد الأوربي، وماذا سيقدمان للعراق؟

بغداد- العراق اليوم:

هي الجولة الثانية للكاظمي بعد توليه منصبه في رئاسة الوزراء، حيثُ في  الأولى زار ثلاثة اقطاب من دول  الاتحاد الأوربي، حيث شملت الزيارة بريطانيا، و فرنسا والمانيا. لاحقاً انفصلت بريطانيا ولم تعد من بلدان الاتحاد الأوربي.

اليوم يعود الكاظمي ليبني خيارات اضافية مع هذا الاتحاد بعد تغيير موازين القوى فيه، ويريد ان يصنع علاقات استراتيجية مع اهم ركنين فيه، وبلدين أساسين مهمين بالنسبة للعراق، حيث بلجيكا، مركز الثقل السياسي للاتحاد الأوربي، وإيطاليا مركز القوة الاستراتيجية، اقتصادياً وعسكرياً وحتى ثقافياً وسياحياً.

الكاظمي المحاط في الداخل بمشاكل لا تعد ولا تحصى، والذي يريد ان يُخرج العراق من شرنقة الصراع الايراني – الامريكي، والتخلص من أزمات البلاد الاقتصادية والخدمية، يتحرك بقوة لاختيار شريك فاعل أخر للعراق عابر للإقليم، لا يملك سجل مشاكل في المنطقة برمتها، بل يملك من أوراق القوة الكثير،  ما يمكن معه الشراكة في تنفيذ خطط عملية تسهم في استقرار العراق، واخراجه من عزلته الدولية.

معلوم ان الزيارة الأوربية لها مداليلها الاستراتيجية، ولكنها تتخذ منهجاً أخر في اختيار كل من  بروكسل وروما كعاصمتين يجري فيهما رئيس وزراء عراقي، لقاءات ثنائية، ففضلا عن الدور السياسي المؤيد الذي يمكن ان يحصل عليه العراق من بلجيكا، فأن هذا البلد يحتل مراتب متقدمة جداً في القوة الاقتصادية، والفاعلية الدولية،  وأيضاً الحضور العسكري من جانب الصناعات بطبيعية الحال، مضافاً لهذا  الحضور الايطالي الفاعل على المستوى العالمي، كأحد البلدان المؤهلة لقيادة تحرك دولي في أي ملف، ولا ننسى ان ايطاليا على سبيل المثال تمتلك واحداً من اقوى جيوش العالم، حيث يحتل المركز الثاني عشر عالمياً، بالأضافة الى  خبرتها الطويلة في تدريب القوات المتخصصة في مكافحة الإرهاب وقدراتها الجوية والفنية واللوجستية وامكانية الاستفادة منها في مكافحة الجريمة المنظمة والفساد فضلاً عن الاستفادة من اقتصاد حيوي متنوع تمتلكه، وقابل للشراكة، لاسيما أن الاخيرة مهتمة جداً بالشرق الأوسط، ولاسيما العراق، وكانت ضمن التحالف الدولي المكافح للأرهاب.

كما ان علينا ان نفهم ان ايطاليا تحتل المركز الثالث من حيث القوة المالية المؤثرة، فيما تقف بلجيكا في المركز السابع في قائمة أقوى الميزانيات الأوربية، وهذا من شأنه ان يساهم في جذب رؤوس الاموال من هذين البلدين، وأن يحصل العراق منهما على دعم وشراكة مفيدة ومنتجة.

أن الكاظمي اذ يختار ايطاليا ايضاً، فأنه يختار مركز روحي كبير للعالم المسيحي، اذ يبلغ اتباع الكنسية الكاثوليكية في العالم، اكثر من مليار مسيحي، وما تمثله ايطاليا بكونها تضم دولة الفاتيكان، واذ سيحظى رئيس الوزراء بمقابلة أخرى لقداسة البابا فرنسيس، ليرد على الزيارة التاريخية التي قام بها البابا لأرض العراق، فأن الكاظمي يريد ان يستثمر هذه الأجواء الايجابية، لاعادة لفت نظر العالم بأسره الى أهمية العراق، وأهمية هذا البلد المبتلى بالأزمات، والغارق بمشاكل اغلبها وافدة عليه للأسف، بالنسبة للعالم من حيث الناحية الروحية والدينية.

الزيارة مهمة ومحورية وذات ابعاد متقدمة، ويمكن أن تؤسس بالفعل لشراكات عسكرية واقتصادية وسياحية ودينية، وسيكون لها الاثر البالغ في تقليل مشاكل البلاد، والمساهمة في معالجتها.

علق هنا