بغداد- العراق اليوم: كتب المحرر السياسي في العراق اليوم: حطت طائرة رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، في العاصمة البلجيكية، بروكسل، في ثاني زيارة الى أوربا يجريها الرجل منذ تسنمه منصبه الى القارة العجوز، وهي زيارة كما نقرأها من زاوية سياسية تتساوق مع مساعي الكاظمي لمد جناح العلاقات العراقية الكسيرة نحو تلك البلدان الباردة، بعد قطيعة، وتلاشي لمصالح ونفوذ بلاده، أثر حكم ديكتاتوري تسبب بعزلة دولية للعراق ، وأيضاً أهمال ملفات حكم ما بعد 2003، لأوربا بوصفها مركزاً أخراً من مراكز الثقل العالمية. يُدرك العراق ان دول الاتحاد الأوربي، كلها مهمة جداً، لاسيما فرنسا والمانيا وايطاليا وبلجيكا، أذ تتمتع هذه الدول بقوة هائلة في القرار الاقتصادي والأمني والسياسي العالمي، وأذ يرممُ العراق علاقاته الدبلوماسية معها، فأنهُ يسعى لبلورة تفاهم مشترك مع الاتحاد الأوربي لمساعدته على تجاوز أزماته الخانقة في مجالات الطاقة والأمن والسياسة الخارجية. العراق في الواقع يعاني سياسياً، من تصدير أزمات خارجية لداخله، وللأسف فأنها تشكل له مناطق ازعاج، وتتسبب بعدم استقرار، وحالة من القلق الدائم، لاسيما المشاكل التي تأتيه من جاريه الكبيرين، غير العربيين، ونعني بهما ايران وتركيا، فهذان البلدان يشكلان بفعل الفراغ الذي تركه سقوط النظام السابق، مراكز ثقل وقوة وحضور اقتصادي وأمني وسياسي للأسف، وهذا الأمر يتسبب بعدم استقرار العراق، أذ أن تشابك المصالح، وتقاطعها يدفعان لسياسات التوتير، واللعب في ملف الورقة العراقية. فماذا يمكن أن يفعل العراق، للتخلص أو على الأقل التخفيف من حضور هذا التدخل الخارجي، وابطال مفاعيله في الداخل العراقي؟. حسناً يفعل رئيس الوزراء بالذهاب باتجاهات بناء منظومة علاقات متعددة الأطراف، وتخليص العراق من سياسات المحاور المستقطبة، ويبدأ بمشاريع متعددة في آن واحد، فمن بناء تحالف عربي اقتصادي جديد، قابل للحياة والتطور والاتساع، الى الذهاب باتجاه الاتحاد الأوربي الذي سيعمل أن نجح العراق في بناء علاقات شراكة اقتصادية وأمنية وسياسية راسخة معه، على الحد من الدورين الخطرين، التركي والايراني في الداخل العراقي، فتركيا لها علاقات قوية مع الاتحاد الأوربي، وللأخير دور محوري في السياسات التركية، وسيعني وقوف الاتحاد مع العراق في أي نزاع محتمل في ملف المياه مثلاً، تحدياً حقيقياً لتركيا، وعاملاً اضافياً لقوة المفاوض العراقي، وذات الحال ينطبق فيما يتعلق بالدور الإيراني، فإيران تخوض مفاوضات فيينا، وتعرف أي دور يمثله الاتحاد الأوربي في ملفها النووي، والقوة الدبلوماسية والسياسية التي يمثلها، وأي متاعب قد يسببها لها هذا الاتحاد أن اضرت أو حاولت اللعب بالورقة العراقية وتقويض استقراره. لا نعتقد أن الكاظمي شكا للأوربيين بشكل مباشر من المحيط، وتدخلاته، لكننا نقرأ أن أي تعاون عراقي – أوربي سيكون مفيداً باتجاه تعزيز موقف العراق، وحمايته من التدخلات الخارجية، والتقليل من أثر التدافع الإقليمي على واقعه الداخلي. يقيناً، ستكون ملفات الطاقة والأمن والسياسة، والحرب على الإرهاب حاضرة على جدول اجندة الكاظمي والأوربيين، ويقيناً أن نتائج جيدة تنتظر العراق بعد جدية الكاظمي في مساعيه الخارجية.
*
اضافة التعليق