لماذا رعى الكاظمي استعراض الحشد الشعبي في ديالى هذا اليوم، وهل وجود هذا التشكيل ضروري للعراق؟

بغداد- العراق اليوم:

كتب : المحرر السياسي في العراق اليوم

أذا كان المفكرون والمنظرون في عالم السياسة والحرب، كانوا قد وصفوا القرن العشرين، بأنهُ قرن الحروب التقليدية العابرة للقارات، وأنتهى ذلك القرن بسقوط مدوي لقطب عالمي بعد حربٍ باردةً مع الولايات المتحدة، وغاب الاتحاد السوفيتي بما مثله من توازن للعالم بأسره، فأنهم لا يترددون في أن يصفوا "حروب هذا القرن بأنها غير تقليدية"، وأنها اصحبت اكثر خطورةً بعد أن انتشرت ظاهرة الإرهاب، وانطلقت عقد التأريخ، ورسخت جماعات خارج الدولة، وجودها مستفيدة من أدوات العصر الحديث، كالميديا، والنقل، في " عولمة" فكرها المتأخر عن ركاب العالم الحديث.

هذا الأمر، استدعى من دول العالم، وخصوصاً الغربية التركيز على طرق مواجهة هذه الحروب، ونزعات الجماعات الأصولية التي وجدت في التباين الواضح، بين العالم الحديث والقديم، والصراع الهوياتي، مبررًا لوجودها، لاسيما بعد أن فشلت الدول الغربية في التخلي عن منطقها الاستعماري، واستمرت بالعمل وفق رؤية "الغالب والمغلوب!".

واذا كان القرن العشرين قد شهد نهوض وتأسيس جيوش نظامية تقليدية، وكان مسرحاً لاستعراض القوى المُتبادل، والسباق نحو التسلح النووي، فأن هذا القرن يشهد اتجاهًا لتأسيس منظومات أمنية، وأجهزة ساندة في حرب لا يزال العدو فيها " هلاميًا" متخفيًا، لا ساحة واضحة لمواجهته، ولا حدود لتنظيم صفوف الجيوش لمقاتلته.

انتهت الحرب التقليدية بهذا القرن، الا ما ندر، وبات العالم بأسره يقاتل عدوًا مشتركًا، هو الإرهاب الذي ضرب اطنابه في مشارق الأرض ومغاربها، لم يستنِ طرفًا، أو دولة، ولم يعد سوى لغة عالمية موحدة، لكنها لغة الدمار والقتل والدمار بالتأكيد.

لذا فأن الدول شكلت فرقًا كما قلنا واجهزة لمكافحة هذا الارهاب الأعمى، ولا تزال تبني المزيد من التشكيلات السريعة الاستجابة للتحدي، ومنها العراق الذي أمضى عقديه الأخيرين في مواجهة شرسة لأخطر وأكثر الجماعات التكفيرية خطورةً في العالم، وأستطاع ان يهزمها مرتين، الأولى حين قضى على تنظيم القاعدة الاجرامي بين عامي 2003 الى 2014،  والثانية حين اجهز على ما سُمي بدولة الخلافة، وأنهار تحت ضربات قواته المشتركة من جيش وشرطة وحشد شعبي، تنظيم ظلامي كداعش، يعمل بمبدأ التوحش في ادارة صراعه الايدلوجي.

أن رعاية الكاظمي لوجود تشكيل وطني، منضبط بقواعد المصالح العراقية، ويعمل تحت أمرته، كقائد عام للقوات المسلحة، وينفذ سياسات وطنية، أنما هي جزء من استجابة العراق النوعية لمواجهة الإرهاب، وأن الحشد الشعبي هو اليد التي تضرب بها الدولة عدوها الغادر، وهي القوة الاستراتيجية الفاعلة التي ساهمت مساهمة مشهودة في دعم مسيرة التحرير والانتصار.

أن الكاظمي اذ يرعى استعراض قوات الحشد الشعبي، اليوم في ذكرى تأسيسه، أنما يريد أن يؤكد أن "هوية الحشد الشعبي وولائه وانتمائه، مسائل سيادية لا نقاش فيها، وأن أي تصور خارج هذا التصور، سواء من داخل المؤسسة او خارجها، أنما هو تصور خاطئ وغير مقبول، ولن يُسمح بمصادرة هذه المؤسسة العراقية الخالصة، ولا يمكن أن يتخلى عنها العراق لصالح أي اجندة، أو تحت اي  ضغط مؤكًدًا".

علق هنا