بغداد- العراق اليوم: خلال عام واحد فقط، أجرى رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي جولات متعددة، تفقد فيها مدناً لم تصلها أقدام مسؤول كبير ورفيع بمستواه، وهو الذي يجلس على كرسي حكم بلاد تصبح وتُمسي فوق صفيح ساخن. الرجل الذي تسنم مقاليد الحكم، فيما كانت فوهات البنادق، وأزيز الرصاص يلعلع، والجميع يتدافعون نحو الهاوية، فالكل يريد ان يُقصي الكل، والكل يحمل الكل مسؤولية ما جرى في البلاد، وما آلت اليه التجربة الديمقراطية من خراب، وفساد، واحتجاج، وتحول الحلم بالخلاص من ربقة الدكتاتورية الى كابوس. بهذه الأجواء جلس الرجل في صيف 2020، ومضى يفك الاشتباك، ويضع الحواجز، فيعيد ترتيب أرواق دولة تطايرت بفعل الارتدادات العنيفة، ويكتب خطة لأنقاذ ما يمكن انقاذه، وكلنا تصًور أن المهمة مستحيلة عليه، فكان اكثر المتفائلين يرى أن الرجل لن يطق مع العراق صبراً، لكنهُ صبر، وعمل وناضل، ولا يزال، تحمل المسؤولية، ولا يزال يحمل الهم الوطني بكل جدارة. من عرف الكاظمي ابان معارضته للدكتاتورية، يعرف أي رجل هو، واي طريقة تفكير يتبناها، فهذا الرجل الذي لا يتراجع عن مسار يعتقده صحيحاً، ولا تثنيه المحاولات مهما تكررت، ولا يترك مسؤولية يكلف بها مهما كانت التحديات صعبة، كيف وهو الآن يحمل أمانة ان يدفع عن البلاد غائلة الجوع، وشبح الحرب والتصارع المريع. لسنا بصدد الكتابة عن ما حققه الكاظمي من منجز، وهو واضح لكل منصف، لكننا نسأل كل صاحب عقل، عن أي مرحلة تجاوزناها مع الرجل من تاريخ العراق، وكيف انهى بنفسه مأساةً كانت لو وقعت لا سمح الله لإنتهى العراق واصبحنا صومالًا اخرى. اليوم، تجاوز العراق ذلك الظرف الرهيب، وها هو يمضي بأتجاه التصحيح، ويمتد بعراقيته على طول الخارطة الوطنية، حاملًا معه البشارات والمنجزات، مكرساً وقته في متابعة مشاريع المحافظات، فمن البصرة التي وصلها خلال عامه الأول اكثر من مرة، الى ذي قار التي وضعها في بؤبؤ عينه وهو يراها تتلظى تحت نار نقص الخدمات، وعنف الاحتجاج، فكانت محطته الدائمة، ومن ميسان الجنوب التي وصلها باحثاً عن نافذة أمل يفتحها، الى المثنى المحرومة، وهو يريد ان يزيح عنها سنوات الأهمال والنسيان، الى كربلاء، فبابل الخير، الى كل الخارطة الجنوبية والوسطى، ليصل نينوى ببشائرها الخيرة، وهي تستعيد حياتها بعد سبات قسري طوته ام الربيعين، الى صلاح الدين وحاضرتها سامراء المقدسة، وما حمله معه رئيس مجلس الوزراء، من مشاريع وخدمات، فضلاً عن ما قاله من كلام وطني شجاع ومسؤول. الكاظمي الذي عرف الخارطة العراقية جيداً، لا يريد ان يحجز نفسه خلف اسوار طائفية، أو مذهبية او فئوية، فهو مشروع لكل العراقيين، وهو رجل يريد ان يرى بلاده تسمو على الانقسامات البعيدة عن مصلحتها. نعم فالكاظمي اليوم يؤسس لمنطق الدولة بعد طول غياب، ويعيد تعريفها امام الشعب العراقي بكل اطيافه، فهو للجميع، والجميع هم مواطنوه الذين يجب ان يحظوا بذات الفرص، ويتحملوا ذات الواجبات. ينطلق رئيس مجلس الوزراء بهذا المشروع الجامع، العابر لذلك المستنقع الذي اراده البعض ممن سكنوا خلف جدران عازلة، وامتهنوا اللعب على مشاعر البسطاء، وتحريض العواطف البدائية بعضها ضد الأخر. ايضاً، يمكن أن تقرأ هذه الزيارات بأنها جزء من سعي الكاظمي لايقاف التقسيم غير المعلن في الوزارات الذي كان سائداً في الحكومات السابقة، حين كان الوزير السني يعمل فقط لخارطة معينة، والوزير الشيعي ينحاز لمناطق محددة، وهكذا الكردي. الكاظمي يقولها بصراحة وبضرس قاطع: أنتهى هذا المسار الخاطئ، الوزير لكل العراقيين، والوزارة مؤسسة خدمة للجميع، أرفض منطق الاقصاء، أو تسخير موارد الدولة لمأرب سياسية أو انتخابية.
*
اضافة التعليق