بغداد- العراق اليوم: تتجسد الأسطورة العراقية، وتتمثل في اشكال متغايرة، وتكرر نفسها باستمرار، طبقاً لطبيعة الحدث، وتأخذ حيزها في الوجدان الجماهيري ،نظراً لمدى اتساع التفاعل الشعبي ومطابقته لمعانيها الفريدة، وترسخ في عمق الذاكرة كونها استثنائية ومفصلية في التاريخ المسرود شفاهاً او المحفوظ في قراطيس المؤرخين. الأسطورة العراقية فريدة بملامحها وحجمها، و تكمن الفرادة أيضاً في كونها، ليست بأبعاد خيالية فقط، بل ثمة أحداث واقعية تقارب الاسطورة لا العكس، بمعنى أوضح، أن " الأسطورة في تعريفها الطبيعي، تأتي معكوسة في مثل الحالة العراقية، فالحدث الواقعي هو الذي يأخذ أبعاده الأسطورية، نظراً لقوته، وأيضاً اتساع مساحة تأثيره، وابداعه المعجز الذي لا يكاد ان يكون منطقياً في تحليل الفعل". بمعنى أن العراقيين الذين يقاربون احداثهم، يمنحون بعضها بعداً اسطورياً، مع أنها احداث واقعية، لكنها واقعية بالمعايير العراقية، غير المتكررة أو الموجودة في أي بقعة، فالتحدي في هذه البلاد، اكبر من أن يوجد في بقاع أخرى، والاستجابة له اعظم من أن تتكرر في مفاصل مشابهة حول العالم. لذا فأن العراقيين الأن، يعتزون بشكل كبير، بوجود الحشد الشعبي ككيان وكمؤسسة صنعوها هم، وارتقوا بها هم، وقدموا لها ما قدموه من دماء وتضحيات ودعم مالي ومعنوي، ويعتبرونها ملكاً صرفاً لهم، لا احد له الفضل فيها، سواهم، بل الأخرون ممتنون للحشد كمؤسسة وطنية عراقية، مع باقي اجهزة الدولة الأمنية والعسكرية على ما ادته من أدوار خالدة في حماية الانسانية من وحش التطرف والاستئصال الذي انفلت من عقاله، وراح يجتاح البلدان، مخلفاً ورائه الموت والدمار والدماء. يمجد العراقيون مؤسسة الحشد الشعبي، ويضيفون لها من القداسات والامتننان الكثير، لكنهم بقدر هذه النظرة الطهرانية العالية، يخشون ويحذرون من أن يستغل هذا العنوان الجميل، لتحقيق مأرب سياسية، أو نوايا اقليمية، أو يختطف ليحول الى غير الهدف والمقصد السامي الذي أنشأ من أجله. يرتبط العراقيون، ضميرياً بهذه المؤسسة، ويعتقدون أنها قدمت من ابنائهم وأخوتهم وابائهم خيرة الشهداء، وضمخت أرض الوطن بدم قان لجحافل تتلو الجحافل، حتى هزموا " خمبابا" هذا الزمن، وصرعوا الوحش، ولكنهم خسروا في هذا الطريق الشاق الكثير، لذا سيظلون أوفياء لمن صارع الوحش، وقضى شهيداً في درب الخلاص منه. يريد العراقيون في استعادة هذه الذكرى العظيمة، وهي المناسبة التي دعا فيها مرجع النجف وسيدها، علي السيستاني، العراقيين القادرين على حمل السلاح لاسناد قوات الدولة، والانخراط في مؤسستها الرسمية، أن يمضي الحشد في طريقه الذي رسم له، من خلال الانخرط التام في جسد الدولة، وازالة النتوءات والالتواءات التي تريد ان تستفيد من حالة الحشد لتحقيق مأرب غير مشروع، مضحيةً بهذا العنوان، وقداسة الدماء التي أريقت في طريق النصر. نعم، سيبقى الحشد الشعبي بطلاً لهذا الزمان، ولزمان أتً، وسيظل صورةً لقوة الشعوب التي تلتحم مع دولتها، وتدافع عن كرامتها وتعتز بهويتها المعتدلة، وستزول كل هذه الطفيليات التي تريد ان تسيء للتجربة، او تصادر الجهد وتقضم ما تحقق من منجزات، كل العراقيين هم بها شركاء متساوون، ولو كره من كره أو ابى من أبى!.
*
اضافة التعليق