عادل عبد المهدي
في يوم الثلاثاء الماضي عُقد اجتماع اللجنة المشتركة "لاتفاقية الاطار الاستراتيجي" بين العراق والولايات المتحدة في الخارجية العراقية. وصدرت في الوقت نفسه قرارات من الرئيس "ترامب" تتعلق باجراءات السفر والاقامة بشكل عام، وبشكل اخص لمواطني ست دول، ومنها العراق. وبالفعل تم مؤخراً منع عدد من المواطنين العراقيين المتوجهين للولايات المتحدة من مغادرة المطارات الاوروبية، رغم استكمالهم كافة المتطلبات القانونية الامريكية. فلماذا هذا التعسف من دولة تدعي الديمقراطية وحقوق الانسان؟ وما جدوى وجود "اتفاقية اطار استراتيجي" في وقت تطبق فيه هذه الاجراءات التمييزية والتعسفية والعنصرية ضد مواطني الطرف الاخر؟ وهل هناك شعب قدم في محاربة الارهاب ودفع ثمناً باهضاً اكثر من الشعب العراقي؟ وهل ان الاموال والاسلحة المتدفقة على "القاعدة" و"داعش" و"جبهة النصرة" في فترات مختلفة، في العراق وافغانستان وسوريا وبلدان اخرى جاءت من العراق ام من دول اخرى بضمنها الولايات المتحدة الامريكية؟ وهل بين من قاموا بعمليات ارهابية داخل الولايات المتحدة او خارجها عراقي واحد لكي تتخذ هذه الاجراءات العنصرية، المتعسفة وغير المنطقية والتي لا تحمل اية مصلحة للامن وللعلاقات بين البلدين والشعبين. ففي الولايات المتحدة عشرات الاف العراقيين المتجنسين او المقيمين الذين لم يعبروا المحيط الاطلسي او الهادي سباحة او على قوارب مطاطية، بل هم ضمن ملايين الامريكيين الذين اتخذوا من القارة مستوطناً او مستقراً لهم. فامريكا كلها هي ارض هجرة واستيطان، فلماذا يمنع العراقيون، بينما تعقد اجتماعات "اتفاقية الاطار الاستراتيجي" وتقود الولايات المتحدة تحالفاً دولياً في العراق، يقوم يومياً بعمليات عسكرية ضد "داعش"، ويتواجد على ارضه الاف الموظفين والعسكريين والعاملين الامريكيين الذين يدخلون للبلاد ويخرجون منها افضل من دخول وخروج المواطنين العراقيين؟ لا يمكن السكوت على هذه الاجراءات.. وارى ان على الحكومة دراستها من مصادرها (وليس الاعلام) جيداً، بدون انفعال، وعند تشخيص الابعاد والاضرار المادية والمعنوية، اعطاء مهلة لا تتجاوز الاسابيع لالغاء هذه الاجراءات، واستبدالها بتعاون مخلص بما يحقق مصالح البلدين، والا تطبيق سياسة المقابلة بالمثل، وهذه عينة للاجراءات المضادة الممكن اتخاذها دفعة او على دفعات، بعد دراستها جيداً، وهناك اخرى: 1 - التشديد على دخول المسؤولين والمواطنين الامريكيين للاراضي العراقية باجراءات شبيهة تماماً للاجراءات المتخذة بحق العراقيين، بما فيها، تفتيشهم الدقيق وكشف محتويات هواتفهم وحواسيبهم، وتوجيه اسئلة اليهم حول معتقداتهم، والتصرف معهم وفقها. 2 - توجه العراق بالنسبة للبضائع ذات المناشيء الامريكية لبدائل عالمية اخرى.. ودراسة وجود وعمل الشركات الامريكية في العراق.. وامكانية وفائدة نقل الارصدة العراقية لدول اخرى.. وجدوى تسديد واردات النفط بعملة اخرى او سلة من العملات. 3 - بحث جدوى "اتفاقية الاطار الاستراتيجي"، مع وجود هذه النوايا السيئة والعنصرية لدى الجانب الامريكي. 4 - ان يترك للقائد العام وفريقه فرصة دراسة تداعيات اجراءات محددة بالنسبة للمساهمة الامريكية في الجهد العسكري على الوضع الامني العراقي ومحاربة "داعش".. وهل يجب استمرار او تحجيم او ايقاف الدور الامريكي في العراق، وتعويض ذلك –ان اقتضى الامر- بالدعم الروسي والاوروبي والاقليمي بما في ذلك التركي والايراني والعربي. فلقد قدمنا من التضحيات ما لم تقدمه اية دولة. ونخوض الفصول الاخيرة لحسم المعركة واخراج "داعش. فيجب ان يكافىء العراق، لا ان يعاقب، لخوضه المعركة نيابة عن العالم. 5 - صياغة مبادرة اقليمية مع جميع فضاءاتنا الاقليمية لبناء مواقف متضامنة ومتعاونة لازاحة الكثير من الخلافات وزيادة التعاون لمواجهة النزعات العدوانية والعنصرية.. وتعزيز العلاقات باي طرف اقليمي ودولي يريد محاربة الارهاب، والصداقة، للطرفين وليس لطرف واحد. "داعش" وحدتنا وساعدتنا لبناء الجيش الرديف متمثلاً بـ"الحشد الشعبي" و "البيشمركة" وقوات المتطوعين والعشائر.. وستوحدنا السياسات العنصرية ضدنا لبناء فضاءات اقليمية وعلاقات دولية لمصلحة العراق. فلسنا معتدين، او معزولين. فعندما يصل الامر لـ"مادلين اولبرايت" وزيرة الخارجية السابقة، واعلانها حسب "الفيغارو" الفرنسية، انها ستعتنق الاسلام ان مضى "ترامب" في اجراءاته العنصرية، فمعنى ذلك ان اي اجراء مدروس يحفظ كرامتنا وحقوقنا سيجد تاييداً من الرأي العام الخارجي والوطني.