سؤال في لهيب الاحتجاجات الحالية: هل الكاظمي وحكومته جزءاً من النظام السياسي، فيتحملون آثام المراحل كلها، ام لا ؟

بغداد- العراق اليوم:

قبل الخوض في غمار هذا السؤال الضروري، ونحن في لهيب الإحتجات الدائرة هذه الساعات في ساحات التظاهر، أن نؤكد بشكل قاطع أن لا أحد من العراقيين يختلف على ضرورة ان تكون في البلاد حياة سياسية، وفضاء عام يحق للجميع العمل ضمن مجاله، والتعبير ضمن حدوده بشكل طبيعي وحر، فالديمقراطية أبنة شرعية للحرية السياسية، وهي أيضاً لا تعيش خارج بحر التعددية التي تكبسها رونقها، وتخرجها من الزيف الى عالم واقعي.

ولا يمكن أن ان نحسب أن هناك عراقي يريد العودة الى الدكتاتورية والقمع والمصادرة، سوى اولئك الذين لا يزالون يرتبطون بذاك النظام الفاشستي القاتل، ويريدون أن يعود العراق الى المربع الأول، وهؤلاء بطبيعة الحال، لا نوجه لهم اي خطاب فهم أدنى فهماً وأقل حجماً من أن يقرؤوا خطاباً ويفككوا هذا المطلب.

بالعودة الى سؤالنا المهم، وهو سؤال يجب ان يناقش بعيداً عن التعصب، وبعيداً عن الاراء المسبقة والنوايا المبيتة، وهو ليس بطبيعة الحال كتابة بيان براءة لأحد، أو ادانة لغيره، لكن للنظر بواقعية سياسية، ولنعرف ان الكاظمي لم يكن بيوم من الايام ابناً للنظام السياسي الحالي، ولم يكن ضمن ادواته النشطة سواء اكانت ادوات حكومية تنفيذية، أو ادوات سياسية مرتبطة بإجندة ما، قدر ما كان الرجل فاعلاً في الفضاء العام، حاضرًا في النشاط الثقافي والاجتماعي والمعرفي، وهذا حال النخبة الثقافية والفكرية التي تعيش في العراق، وهي ليست جزءاً من النظام السياسي، وأن كانت تتعاطى معه، كمعطى على الأرض، وتترجم رؤاها لصياغة مفهوم الدولة، وبناء الحياة السياسية الحديثة.

أذن كيف وصل الرجل الى هذا الموقع؟

هو سؤال مشروع جداً، ونعتقد أن الاجابة عليه كانت مستمرة طوال الفترة التي تناولنا فيها هذه الحكومة، التي جاءت كحل وسط بين الشارع المحتج والمحتقن والذي يريد ان ينزع غطاء الشرعية عن الطبقة السياسية، وبين القوى السياسية التي تريد أن تضع شروطها على أي انتقال، وحين وصلت الأزمة الى الانفجار، كانت الحكومة الحالية بمثابة حائط فصل لهذا الاشتباك، وعامل في تهدئة الشارع والحفاظ على ما تبقى من مؤسسات الدولة من الأنهيار، ومنع انزلاق البلاد في الفوضى، وأيضاً التمهيد لبدء مرحلة انتقالية مؤسسة لانتقال ديمقراطي حر ضامن لاجراءات جذرية في بنية الحياة السياسية التي يعتقد البعض أن الحالية لم تعد قادرة على مجاراة التطور النوعي والكمي في المجتمع العراقي.

خلاصة القول، يمكن ان توجز بأن الكاظمي شخصياً، وغالبية الكابينة الوزارية ليسوا نتاجاً للقوى السياسية التقليدية، ولا ادواتها، وهذا لا يبرر محاولة البعض خلط الأوراق، والتهييج ضد هذه المرحلة الانتقالية، أو رفض مسارها الطبيعي والمقبول عبر اعادة الأمور للشارع، بل ينبغي العمل بمسؤولية وطنية واخلاقية في سبيل مضي هذه المرحلة الى مرحلة اكثر استقراراً وأكثر شرعية من خلال دعم الانتخابات المبكرة، ودعم المشاركة فيها، وضمان حضور كثيف للشارع ليقول كلمته الفصل، ويقطع هذا النزاع الذي لو استمر فأنه سيذهب بالبلاد الى ما لا يحمد عقباه.

علق هنا