بغداد- العراق اليوم:
يبدو أن مارثون السباق على منصب رئيس الوزراء القادم انطلق من الآن، لكن قائمة الترشيحات هذه المرة ليست من النوع الطويل والقصير، ولا يمكن أن تكون بحسب المعطيات الواقعية طلسما يستعصي تفكيكه، أو سراً يستحيل الحصول عليه. فهذه المرة ليست كسابقاتها، والمرشحون المزمنون للمنصب، ليس كما كانوا بالأمس، بعد أن سأل في نهر السياسة ما سال من مياه، وبعد أن اتضحت الصورة، وتوضحت المهمة الصعبة والتي تكاد تقارب الاستحالة، فمن ذا الذي يجرؤ ان يخوض في لجج بحر هائج كما هو بحر السياسة العراقية التي تتسم بالسخونة حتى مع أكثر أيام البرد القارس!. (العراق اليوم) في إطار كشفه الانتخابي المتواصل؛ رصد ان التنافس على الموقع الأول بعد انتخابات تشرين المقبل، التي يسميها البعض بالمعركة سيكون محصورا بين شخصين لا ثالث لهما بموجب المعطيات. حيث سيكون المالكي رئيس ائتلاف دولة القانون واحداً من هذين المرشحين؛ إذ أنه يملك في الشارع ما يملك من أنصار وموالين كان قد كسبهم طوال فترة رئاستيه للوزراء، فضلا عن وقوف محور المقاومة المدعوم من طهران خلفه متبنياً ترشيحه كونه الأقرب لهم والداعم الرئيس لمشروعهم، حيث بدأت هذه القوى الإعلان تصريحا أو تلميحا إلى أن المالكي سيكون خيارها وستدفع به، مما يعني أن الثقل الإيراني سيضع بيضه هذه المرة في سلة المالكي عله يكسب الرهان ويستعيد للرجل ولاية ثالثة ضيعها سقوط الموصل ودخول داعش ٢٠١٤ وما تلا ذلك من انتكاسات ومأس لا تزال شاخصة للعيان. هذا الخيار المقاوماتي الإيراني يواجه ممانعة شديدة، تعيق قدرته على اختراق فرق الجهد بين الداعمين والرافضين؛ والمالكي يصطدم بثلاث قوى ممانعة، الأولى شارع شيعي - سني - كردي؛ وهذا الشارع يستند في رفضه لتاريخ حافل من المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ولعل التيار الصدري ابرز القوى الشيعية السياسية والشعبية التي تعارض تولي المالكي ومستعدة ان تذهب الى النهاية لرفضه، فضلاً عن رفض المرجعية الدينية في النجف لعودة المالكي الى الحكم، وهذا أيضاً مانع آخر قوي وفاعل في منع تولي المالكي المنصب، والأمر كله مصحوب بمانع خارجي قوي، ورفض اقليمي يكاد يتوحد عليه المتخاصمون كالسعودية والأمارات ومصر والأردن وتركيا وغيرها من الدول والقوى، فضلاً عن رفض امريكي واضح لمنع وقوع المنصب بيد حلفاء ايران كما يقول منظرو سياسات البيت الأبيض. لذا يبدو أن المالكي عليه ان يقفز على هذه الموانع كلها أن اراد ان يصل الى الولاية الثالثة هذه المرة!. في الضفة الثانية، يقف رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي، الرجل الذي أتى من خارج لعبة التسويات السياسية، أو المحاور المتقاطعة، وراح يقود البلاد في فترة حرجة للغاية، وها هو يستمر بأخذها نحو المسار الذي يمكن معه القول أنها بدأت تخرج من عنق الزجاجة المحشورة فيه منذ ازمة تشرين 2019، ويبدو أن الكاظمي معزز بكتيبة قوية من فرسان السياسة الداخلية، وصقور الشيعة وحمائهم، ففي مقدمة الصقور يقف الصدر وتياره الواسع، الذي يدعم بشكل واضح اعادة تولية الكاظمي، متكًأ على تجربة واضحة معه في العمل، وغياب الحزبية في مسيرة الكاظمي، بل وتعففه عن الكسب الانتخابي، او الاستعراضي، ناهيك عن وقوف قوى تشرين الفاعلة بثوريتها وراديكاليتها الواضحة، خلف خيار الكاظمي الذي يمضي بإدارة ملف الأزمة الاجتماعية بشكل متوازن، ويحاول ان يخرج من الاطار الحزبي الضيق الى فضاء الدولة، يتكئ الكاظمي أيضاً على قبول شيعي وزان، وفي مقدمة ذلك مرجعية النجف التي لا تعترض على تولي الكاظمي ولاية ثانية اضافة الى قبول قوى الدولة مثل ( تحالف الحكيم – العبادي) كما يقف معهم في دعم الكاظمي قوى شيعية ليبرالية وعلمانية التوجه، مضافًا الى هذا هناك دعم سني واضح من اغلبية القوى السنية الفاعلة، فضلاً عن رضا وتوافق كردي على اداء الرجل المسؤول والمهني والوطني، فضلاً عن ذلك يملك الكاظمي شبكة علاقات اقليمية ودولية، يمكن ان تشكل رافعة لثقله السياسي ويمكن ان ترجح كفته السياسية على منافسه، لذا فأن الرجل سيكون قادماً بمشروعه السياسي لدورة انتخابية أخرى، وسيكون الفاعل الأهم في المشهد ما بعد معركة تشرين الانتخابية الثانية، بعد معركة تشرين الاحتجاجية الأولى.
*
اضافة التعليق