في عشرة اشهر .. الكاظمي يغير سكة المسير من خندق (العنف) والإحتراب الى محطة الدولة

بغداد- العراق اليوم:

قريباً سيمضي رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، عامه الأول في حكم البلاد، وسيدخل عامه الثاني بعد أن  أتم  مهمته الأساسية المتمثلة بإيقاف السير الحثيث الذي كانت تسلكه البلاد نحو حافة الهاوية، حيث نجح الرجل بـ "فرملة" هذا السقوط الحر في بحر العنف الأهلي، والاحتراب الاجتماعي، ودخول البلاد في دوامة الانقسام مرةً اخرى، كان سيناريو قريب التحقق، بل أن بوادره بدأت ترى بالعين المجردة في الشوارع، فالحراكِ الذي انفجر على سياسات حكومة عبد المهدي، والغضب الشعبي المحتقن والذي تنفس في حراك تشرين كان يشي ان وراء الأكمة ما ورائها، وأن العراق سائر نحو المجهول.

الكل يتذكر الأشهر العصيبة التي مرت بعد ترك رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، موقعه مجبراً تحت ضغط الشارع، وكيف أن التوتر السياسي وصل ذروته، وأن الأمور كانت تتجه نحو مآل واحد لا غير.

الكل يبشر للأسف بأن العسكرة والصِدام المُسلح، والاقتتال الأهلي قادم، فضلاً عن سيناريو التوترات التي حدثت بين امريكا وايران والذي تحولت فيه ارض العراق الى ساحة لتبادل القصف والضربات.

كانت المهمة التي انتدب لها رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي (انتحارية)، ولربما نسبة النجاح فيها ضئيلة بلحاظ المعطيات على الأرض، فكيف تنجح وأن ترى شارعاً محترقاً، ومؤسسات متراجعة، وعنفاً مستشرِ بشكل واضح، وانهدام أسوار القانون، وانعدام ثقة الناس، وتفكك عرى العلاقة بين الفرد والدولة.

كيف تستعيد القدرة على ضبط أوضاع البلاد في ظل سلاح منفلت، وسيطرة جماعات هنا وهناك، ودخول مجاميع اجرامية الى ساحات التظاهر ايضاً واستغلالها للفراغ الذي تركته الدولة خلفها، كل هذا متزامن مع انفجار هائل في تفشي وباء كورونا فايروس الذي كان يفتك بالناس في مشافي معطلة، وأجهزة غائبة وخدمات شحيحة، وحكومة مستقيلة.

فوق هذا كله، كانت اسعار النفط تسقط هي الأخرى سقوطاً دراماتيكياً، وتنحدر بسرعة البرق الى الصفر، في ظل خزائن مالية مفرغة، مع اضافة الحكومة المستقيلة لنصف مليون موظف فوق ملاكها المترهل في محاولة لاستيعاب الشارع الغاضب.

بدأ  الكاظمي بكل هذه الجردة من التحديات، ومضى الرجل يعيد  بهدوء نابض القنابل المتفجرة التي زرعت في طريقه، ويفتح طريق حكومته المعبد بالألغام، متعاملاً مع هذه الملفات بهدوء الصائغ، وبحكمة العارف، ودبلوماسية السياسي الخبير، وبحس أمني استخباري يقتنه، وهكذا مضت الأشهر، التي سجلت انخفاضًا في حدة العنف، وبدأت التظاهرات تتراجع لصالح منح الحكومة فرصة للتغيير، وأيضاً بدأ الشارع يستعيد الثقة بالحكومة واجراءاتها واستجابتها السريعة لكل التحديات التي تواجهها، وأسهمت حكمة الرجل ومواقفه الوطنية في رأب الصدع بين القوى السياسية، فضلاً عن نجاحات دبلوماسية على صعيد السياسة الخارجية، اسفرت عن تحييد العراق عن الاشتباك الحاصل، وصولاً الى لحظة الحوارات التي نشطت، حيث عادة الحرارة لطاولات المفاوضات الدولية، وهكذا نجح الرجل في الدفع بالعراق من أتون العنف الى ملامح الدولة، ولا يزال مستمراً.

علق هنا