بغداد- العراق اليوم:
بعد ان اكملت مريم فحوصاتها الطبية في منطقة الحارثية، بدأت مرحلة البحث عن الأدوية التي تضمنتها "روشتة" الطبيب. لكنها اصطدمت عندما أعلمها الصيدلي ان قيمة "روشتة" تتجاوز الـ 150 ألف دينار، لذا قررت تأجيل شراء علاجها الى وقت لاحق.
تقول مريم انها ذهبت الى الطبيب لإجراء فحوصات بسبب معاناتها من الم في المفاصل، "لكني صدمت عند سماعي بأسعار الأدوية المرتفعة جدا".
واضافت السيدة البغدادية ان "الصيدليات لا تعمل وفق تسعيرة ثابتة وهنالك تفاوت في اسعار الدواء من صيدلية الى أخرى علماً أن هذا الدواء هو من نفس المنشأ، كما أن هناك نوعية أدوية أرخص نسبياً لكنها غير مجدية ولا تنفع للعلاج".
ودعت مريم وزارة الصحة الى مراقبة الصيدليات، مشيرة الى ان بعض الأطباء يتفقون مع أصحاب الصيدليات على دواء معين ومنع المريض من شراء الدواء من صيدلية أخرى. اما المواطن سعد علي، الذي يعاني طفله من مرض مزمن يلزمه الذهاب الى الطبيب بشكل دوري، إن "شراء الأدوية من الصيدليات بات نقمة على المواطنين نتيجة جشع بعض العاملين فيها". ولفت الى أن "بعض الأطباء يتفقون مع بعض أصحاب الصيدليات مقابل حصولهم على نسبة من أرباحها"، معتبرا ان ذلك "يشكل وسيلة لسرقة جيوب المرضى".
وطالب على وزارة الصحة بضرورة تفعيل الرقابة الصارمة على الصيدليات والأدوية الداخلة الى البلد وحتى الأطباء الذين يتلاعبون بمصائر المواطنين.
بدورها، اعلنت وزارة الصحة عزمها تطبيق آليات رصينة لتسعيرة الأدوية في القطاع الخاص في العام الحالي.
المتحدث الإعلامي باسم وزارة الصحة احمد الرديني اوضح في حديثه، يوم أمس، ان "التعاون بين الوزارة ونقابة الصيادلة كان بهدف وضع خطة لتسعير الأدوية في القطاع الخاص ونأمل انجاز هذا المشروع وتطبيقه خلال العام الجاري". واكد الرديني "سيتم وضع ضوابط وآليات رصينة تتكفل بانسيابية حصول المواطن على الدواء الآمن والمفحوص والمنتج من شركات عالمية رصينة". وتابع المتحدث باسم وزارة الصحة ان "النقابة والوزارة تعملان على ضمان وصول العلاج الى المواطن للحد من التلاعب بأسعار الأدوية والحرص على ضمانها في كل الصيدليات".
وشدد الرديني على "اعتماد آليات تضمن حصول المواطن على الدواء الآمن والفعال وبأسعار موحدة في جميع الصيدليات لاترهق كاهل المواطن مع ضمان نسبة من الربح المعقول لأصحاب الصيدليات".
بدوره قال مرتضى الشريفي، نقيب الصيادلة العراقيين، ان "التسعيرة الجديدة فيها عدة محاور، اولها توحيد اسعار بيع الدواء بكل منافذ الأدوية، وضمان عدم استغلال المواطن، ثانياً ستكون أسعار الأدوية مناسبة للمواطن مقارنه بالأسعار الحالية"، مضيفاً ان "سعر الدواء سيكون بالدينار العراقي اي انه لن يتذبذب مع أسعار صرف السوق بالدولار". وتابع نقيب الصيادلة "مع التسعيرة الجديدة سيكون هناك ستيكر خاص (ملصق) على كل ادوية العراق"، مبيناً ان "المشروع سيكون على مراحل تبدأ بالأدوية الحديثة، وخلال 6 أشهر الى سنة ستصفى الأدوية في المذاخر والصيدليات". وتوقع الشريفي انه "في غضون العام الجاري ستكون كل الأدوية تحمل ختم نقابة الصيادلة الذي يحمل صفة أمنية عالية منعاً للغش الدوائي، وسيحتوي الستيكر 125 حرفاً انكليزياً ولا يمكن تزويره".
واكد نقيب الصيادلة ان "التسعيرة سيتم تطبيقها خلال الشهرين القادمين وفي غضون سنة ستكون كل الأدوية تحمل ختم النقابة". وبشأن ضمانات تطبيق التسعيرة، يقول الشريفي ان "المكتب العلمي يقدم طلبا حسب اجازة الاستيراد من وزارة التجارة وبموافقة وزارة الصحة، ويتم خزن الأدوية بمخزن قانوني وبعد فحص الأدوية يتم الكشف عليها وتعطى استكرات على عدد الأدوية ونوعيتها ".
ويلفت الشريفي الى ان "نسبة الأرباح في التسعيرة الجديدة هي حسب سعر الدواء (من 0 - 5 دولارات) اي بنسبة 36% من الأسعار، بمعنى ان كل 100 ألف من الأدوية المباعة يربح الصيدلي الثلث".
وينوه الشريفي ان "الصيدلي ليس تاجرا، وفي كثير من الأحيان يعطي استشارات مجانية للمواطنين، ولكن المواطن يستكثر علية نسبه الربح"، واضاف "حاليا الصيدلي لا يربح أكثر من 20 % بينما الشركات الدوائية هي من تجني الأرباح الكبيرة". واكد نقيب الصيادلة بالقول "سيكون هناك برنامج مبيعات موحد لكل الصيدليات، وسيحال الصيدلي الذي لا يطبق هذا القانون على لجنة انضباط".
يذكر ان لجنة الصحة في محافظة ذي قار اعلنت رفضها التسعيرة الموحدة لنقابة الصيادلة والتي ستعمم خلال الأشهر المقبلة على كافة المذاخر والمكاتب العلمية والصيدليات الأهلية.
وقالت نائبة رئيس لجنة الصحة والبيئة في مجلس محافظة ذي قار شيماء عبد الستار الفتلاوي، في بيان لها أن "نسبة الإرباح عالية جدا تبدأ من ٥٥٪ وتتسلسل بالتدريج إلى ٣٥٪ وهذه النسبة سوف تساهم بشكل ملحوظ في ارتفاع الأسعار" لافتة إلى أن "النسبة المعمول به سابقا من قبل النقابة وبشكل عرف سائد بين الصيادلة هي من ٢٠-٣٠٪ وهذه نسب معقولة". وأضافت أن "الكثير من الشركات العالمية لم ولن تتأثر بهذا القرار ولا تقبل بأن يفرض عليها عنوة تخفيض أسعار منتجاتها لأنها عالمية أولا وسياستها ثابتة ومدروسة، ولا تدير لهذا القرار أي شأن لأنها ثابتة في تسعيرتها للأدوية وليست لها إية اتفاقات ثانوية".
وأشارت الفتلاوي الى أن "اعتماد وقت زمني قصير جداً والذي تم تحديده بثلاثة أشهر لتنفيذ التسعيرة الموحدة ووضع ختم على كل دواء يدخل الى البلد سوف يساهم في شحّ الكثير من الأدوية ما يؤدي إلى ارتفاع الكثير منها بحجة مشاكل النقل البري وارتفاع أجرة النقل الجوي وبالتالي نحتاج وقت أطول لمثل هكذا قرار".
وأكدت أن "هذا القرار لن يرى النور أبداً ولا يكون فاعلاً لأن الكثير من ضعاف النفوس والمتنفذين سوف يستوردون الأدوية بشكل غير قانوني ويتم تزوير ختم النقابة فالأهم هو ضبط حدود البلد وحصر دخول الأدوية فقط عن طريق وكلاء الشركات ووضع قوانين صارمة لمن يتاجر باستيراد الأدوية بدون ترخيص من الوزارة".