لماذا لا يحق للكاظمي الترشيح لرئاسة الحكومة القادمة، وما هو رأي السيد السيستاني، وهل ثمة مسوغات قانونية تمنع ذلك ؟

بغداد- العراق اليوم:

كتب المحرر السياسي في ( العراق اليوم ) :

في دراسة نشرها مركز دراسات الشرق الأوسط (ORSMA)، يرسم الكاتب بلگاي دومان، صورة عن مستقبل رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي، الذي حظي بحسب الدراسة بدعم وتأييد ضمني من المرجع الأعلى السيد السيستاني في مختلف مراحل عمله مذ تشكيله حكومته في أيار العام الماضي.

ويستعرض البحث دور المرجع الأعلى في إسناد خطوات حكومة الكاظمي، حيث يرى  أن المرجع الأعلى هو الذي أيد عملية تشكيل حكومة غير سياسية وغير حزبية، تتولى تنفيذ مهام إصلاحية جذرية في بنية الدولة، وترضي المجتمع .

يقول بلگاي " قام الرئيس العراقي برهم صالح بتكليف مصطفى الكاظمي لرئاسة الوزراء. وهنا يمكننا القول إن السيستاني الذي أيّد تشكيل حكومة جديدة في هذه المرحلة، تجنب اتخاذ موقف واضح تجاه الكاظمي. وفي هذه المرحلة، كون الكاظمي الذي انتخب رئيساً جديداً للوزراء، قد جاء من خلفية بيروقراطية ولم يكن لديه أي دعم سياسي، جعله أكثر حساسية لمطالب الشعب وسمحت له باتخاذ خطوات أولوية لاسيما في قضايا الفساد وتقديم الخدمات العامة".

ويلفت الكاتب " بالإضافة إلى ذلك، أجرى الكاظمي إصلاحات في نظام الدولة من خلال القيام بتعيينات جديدة في الهيكلية البيروقراطية العراقية، واستخدم التركيز على الهوية العراقية والسيادة العراقية كثيرا في خطاباته. وبذلك سعى لكسب دعم الشعب، وقد وجد الكاظمي مقابلاً لهذه المواقف قبولاً عند الشعب، وبإمكاننا القول إن هناك أجواء إيجابية تشكلت تجاه الكاظمي في البلاد".

ويشير الكاتب الى أن " السيستاني كان يتصرف بحذر بشأن اجتماعاته مع السياسيين باستثناء الحالات الطارئة في البلاد، لكنه في نفس الوقت كان يلتقي ممثلي الأمم المتحدة على فترات منتظمة، وفي 13 سبتمبر/ أيلول استقبل السيستاني الممثلة الخاصة للأمم المتحدة في العراق ورئيسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) جينين هينيس بلاسخارت في منزله بمدينة النجف. التصريحات التي أدلى بها السيستاني عقب اللقاء جذبت الانتباه كثيراً، بسبب تقديمه الدعم لحكومة رئيس الوزراء الكاظمي، إضافة لتشابه تصريحاته مع الخطابات المتكررة مؤخرا للكاظمي".

السيستاني يدعم الكاظمي

ويتابع الباحث  قائلًا " أشار السيستاني إلى ضرورة إجراء الانتخابات المبكرة تحت إشراف الأمم المتحدة وفي موعدها المحدد، وقال "الانتخابات المبكرة ليست هدفاً وحدها، بل هي مخرج سلمي من الأزمات المتراكمة التي يواجهها البلد في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والخدمية والصحية. كما يجب إجراء الانتخابات وفق قانون انتخابي عادل ونزيه، بعيدا عن المصالح الخاصة لبعض الجماعات السياسية". وإذا نظرنا إلى هذا التصريح سنجد أنه يدعم الموقف المصر للكاظمي على الانتخابات المبكرة. ويبدو أن هذا الدعم سيعزز شعبية الكاظمي لدى الشعب. وما يؤكد ذلك، أن الكاظمي صرح معلقاً على بيان السيستاني، بوعده بتنفيذ مقترحات السيستاني.

ويمكن القول إن الكاظمي سيواصل سعيه لترسيخ قوته الشعبية، مستفيداً من دعم السيستاني والكثير من القطاعات الشعبية له".

تطابق مواقف

ويرصد الباحث ايضاً عملية التطابق في الخطاب السياسي الذي تتبناه المرجعية الدينية في النجف الأشرف، وبين خطاب رئيس الوزراء، الكاظمي، حيث يدلل على هذا بالمواقف المُتطابقة بين الجهتين في ملف المعابر الحدودية، يقول " إضافة إلى ذلك فإن السيستاني أصدر بياناً متوازياً مع خطابات الكاظمي الذي يعتبر مكافحة الفساد من أهم المواضيع على أجندته منذ تولي منصبه في مايو/ أيار، وقام الكاظمي في هذا السياق بعدة إجراءات من أجل جعل وضع المعابر الحدودية تحت سيطرة الدولة. وتم اعتبار تصريح السيستاني "يجب على الحكومة الحالية أن تواصل بكثافة الخطوات التي اتخذتها من أجل تأسيس العدالة الاجتماعية والسيطرة على المعابر الحدودية وتحسين أداء القوات الأمنية والسيطرة على الأسلحة غير الخاضعة لمراقبة الدولة، وعدم السماح باقتطاع بعض مناطق البلاد بقوة السلاح. كما ندعو الحكومة إلى اتخاذ خطوات استثنائية وجادة لمكافحة الفساد وفتح ملفات الفساد الكبرى (..). ومن المهم أن نذكر أن الكاظمي عندما قام بزيارة معبر مندلي الحدودي مع إيران في يوليو/ تموز، قال إن مجموعات الدولة الموازية تسيطر على المعابر الحدودية وإن الدولة ستحطم هذه السيطرة.

وبسبب هذه التصريحات تعرض الكاظمي إلى انتقادات بعض (الجهات) المعروفة بقوتها الشديدة على المعابر الحدودية. ولو أخذنا بعين الاعتبار أن العراق الذي يمر بأزمة اقتصادية يخسر نحو 10 مليارات دولار سنوياً بسبب الفساد في المعابر الحدودية، فيمكننا أن نفهم أهمية مكافحة الفساد في هذه المناطق".

السيستاني: دعم قوي للكاظمي

ويرصد الباحث أيضاً " يمكن تفسير تصريحات السيستاني في إطار كل هذه التطورات، على أنها "دعم قوي" لرئيس الوزراء الكاظمي. وربما هذه هي المرة الأولى، التي يدلي فيها السيستاني بتصريحات داعمة لمواصلة الحكومة سياساتها دون سرد أخطائها. ويمكن تفسير هذا الوضع على أنه دعم غير مباشر للكاظمي في الانتخابات المبكرة التي ستجرى العام المقبل. وعلى الرغم من أن الكاظمي أعلن أنه لن يترشح في الانتخابات المقبلة، إلّا أن احتمالية تشكّل دعم على أرضية شعبية قد تدفع الكاظمي لمراجعة قراره. وبالإضافة إلى ذلك، فإن اتخاذ السيستاني في لقائه مع ممثل الأمم المتحدة موقفاً داعماً لإجراءات الكاظمي، يمكن أن يعزّز الشرعية والدعم للكاظمي على المستوى الدولي، لكن التزام الكاظمي بوعوده بشأن تنفيذ اقتراحات السيستاني سيحدد مصير خط بغداد–النجف".

 هل دعم المرجعية مجاني؟

الى هنا نتوقف عند ما  اثاره الباحث من اثارات موضوعية، ورصد دقيق وتحليل محايد لموقف المرجعية الدينية في النجف الأشرف، وعلاقاتها بحكومة الكاظمي، لنشير الى أن هذا الدعم لم يأتِ مجانياً، أو تطوعاً من المرجعية الدينية، بل أنه جزء من عمل حثيث قام به الكاظمي، أكسبه الثقة العالية لدى المرجعية، وأيضاً لدى الشارع الذي سيكافئ هذه الحكومة بتجديد ثقته بها، أن قررت خوض غمار التجربة، لكن السؤال في ضوء ما تقدم عن " سر " الفيتو الذي تضعه بعض الجهات اعلامياً على ترشيح الكاظمي مثلاً لولاية ثانية في حكومة دائمة، غير انتقالية، والى أي حق يستند أو قانون.

من يمنع الكاظمي من الترشح؟

المعروف أن منصب رئيس الوزراء حسب الدستور النافذ، يفرز  من تحت قبة المجلس النيابي، وتحدده الكتلة الأكثر عدداً في المجلس، وبالتالي فأن هذا الـ " منع" فاقد لأي شكلية قانونية أو اعتبار دستوري، فمن حق العراقيين جميعاً ان يتصدوا لأي موقع تنفيذي في الدولة، ما دامت سيرتهم الوظيفية والمهنية لا تعيق ذلك، فمن أعطى الحق لهذه الكتل أن تعرقل خيار الشعب العراقي، أو تحجب عنه ما  يوأم مصالحها الضيقة والفئوية ؟.

 

 

علق هنا