بغداد- العراق اليوم:
مرةً اخرى يجتاز رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي، الخطوط (الحمر) التي ترسمها الفاعليات الأمنية المسؤولة، وقطعاً فأن الخطط الأمنية الخاصة بحماية رئيس حكومة العراق، لم توضع إعتباطاً، ولا إرتجالاً، خاصة وإنها - حسب معلىماتنا الشخصية - قد وضعت من قبل (طواقم أمنية) لها خبرات وقدرات ومهارات عالية المستوى. لكن الرجل ضرب كل هذه الخطط عرض الحائط، متجاوزاً توصيات الطاقم المكلف بحمايته شخصياً، فنزل الى الشارع مختلطاً بمواطنيه، حيث يريد الكاظمي التأكيد بشكل قاطع وغير قابل للنقاش انه جزء من هذا الشعب، وفرد من أفراده وليس مجرد حاكم معزول في برجه العاجي، او متواري خلف سيارات مظللة الزجاج. الكاظمي الذي لا نخفي سراً حين نقول أنهُ في عين الرصد لبعض الأطراف التي لا يعجبها أداءه المستقل، لا سيما قوة عمله على الأرض، وخطواته الجريئة في مكافحة الفساد والنهب وظاهرة التسيب والانفلات، بعد ان راح الكاظمي (يلعب بالنار) حسب تعبير أحد حيتان الفساد في العراق. وبدلاً من إلتزام الحيطة والحذر، راح الكاظمي يتمرد على قواعد الأمن الشخصي التي يتبعها جميع الزعماء والرؤساء، بل ومسؤولين في داخل البلاد، أقل منه مسؤوليةً وأهميةً، حيث انه الرجل الأول في الدولة العراقية، لكنننا نراه - رغم أهميته - يمضي بدون وجل او خوف بين الناس، يسألهم ويستمع لما يطلبونه، ويُسمعهم تصوراته وانطباعاتهِ، ولا يتردد في أن ينفرد بين جموع ابناء شعبه، دونما حمايات أو مرافقات شخصية. الرجل الذي يدير الآن، جبهات متعددة، ينزل بملابسه المدنية العادية، بموكب بسيط جداً في المساء ليتجول في شوارع بغداد، ويتحدث مع الناس، ويتحدثون معه بلا حجب او حواجز أو وساطات. هذا التحدي الذي يظهره رئيس الوزراء، أنما هي رسالة تتجاوز بمداها التعبيري الرمزي الى مديات بعيدة، فهو يقول ويؤكد أن " لا خير ولا رجاء في مسؤول يعزل نفسه، أو تعزلهُ المخاوف عن ابناء شعبه"، ويؤكد ايضاً انهُ لا خصام ولا عداء له من الشارع، بل العكس تماماً حيث وقف الناس طوابير للحصول على صورة شخصية معه، أو التحدث اليه في قضية عامة او شأن خاص. الرسالة الأهم، أن الكاظمي يمكن ان يكون من المسؤولين القلائل الذين يظهرون في الشارع، ولا يخشون أي ردة فعل أو أي حركة غير محسوبة، لأن للرجل سجلاً أبيض ناصع، ولا تلطخه شائبة، ولم يتورط في أي ملف، أو تسجل ضده أي مؤاخذة شعبية. بل هو الوحيد القادم دونما ماضِ حزبي او ارتكاب سياسي، أو اشتراك في سلطات فاشلة، بل لايحمل سوى سجل مليء بالنجاحات المهنية والوطنية، لا سيما ابان ادارته لرئاسة جهاز المخابرات الوطني العراقي، الجهاز الذي اعاد بنائه، ووظفه لخدمة الشعب، واعلاء كلمة الوطن وسيادته وإستقلاله. ختاماً، ربما يسأل أحد القراء: هل الكاظمي وحده من بين المسؤولين في العالم يتجول في الشوارع مشياً على الأقدام، ويختلط مع أفراد الشعب بأريحية وسعادة وطمأنينة؟ والجواب: كلا، ليس الكاظمي وحده من فعلها .. فكثير من الزعماء يذهبون الى شعبهم في الشوارع والملاعب والساحات، وهم في أوضاع وظروف أمنية طبيعية، لكن الكاظمي وحده من يفعلها وحياته على مرمى ألف سهم قاتل، ومسموم، بل يجب ان نعترف ان الكاظمي أول رئيس وزراء في العراق يقيم ويمشي ويتنفس ويدير أمور الدولة وهو في مركز الخطر، وليس على أطرافه، بحيث بات خروجه الى الشارع (إنتحاراً) !
*
اضافة التعليق