بغداد- العراق اليوم: أبدت الشركة الصينية الهندسية الماكينات (CMEC)، اهتماماً واضحاً باستثمار مشروع يربط ميناء الفاو الكبير في محافظة البصرة بزاخو مروراً إلى تركيا، ليعلّق بعد ذلك الخبير الاقتصادي، نبيل المرسومي على المشروع، ويبيّن أهم تفاصيله. وتضمنت وثيقة صادرة عن الشركة الصينية موضوعاً، عنوّنته بـ "خطاب اهتمام لخط سكة حديد وطريق سريع جديد"، وموجهاً إلى الكاظمي، قائلين فيه: "نحن الشركة الصينية الهندسة الماكينات (CMEC) التي تم تأسيسها في عام 1978 هي أول مؤسسة صناعية وتجارية مملوكة للدولة في الصين، وفي عام 2012كان العمل الأساسي لـ CMEC ليس فقط كشركة مقاولات هندسية، ولكنها أيضا تكتل دولي كبير يعمل في التجارة والاستثمار والبحث و التطوير وتعاقدت على مشاريع هندسية دولية منذ 40 عاما، ووسعت نطاق وجودها التجاري إلى 47 دولة ومناطق في آسيا وإفريقيا وأوروبا وأمريكا الجنوبية". وتابعت الشركة: "نتشرف بتقديم خطاب الاهتمام هذا لتصميم وبناء الطريق السريع من صفوان في جنوب العراق إلى زاخو لربط ميناء الفاو الكبير بتركيا (المشروع") قيد التخطيط"، مضيفةً: "نعرب عن اهتمامنا الكبير بالمشروع ونرغب في أن نكون عضوا فاعلاً للمضي قدما في المشروع، من خلال خبرتنا الفنية وتجاربنا في التنمية التجارية". وأشارت إلى أنها "تمتلك خبرة فنية ممتازة في الأعمال التجارية الدولية ولديها العديد من الإنجازات حول العالم وفي الوقت نفسه، وتتمتع بمزايا كبيرة وقدرة قوية على حلول تمويل المشروع". وأكملت: "نحن نحافظ على علاقة جيدة مع البنوك الصينية والبنوك الغربية والبنوك المتعددة الأطراف وشركات التأمين الانتمائيSINOSURE) )، التي ستوفر التمويل على شروط مواتية". وأردفـت: "لقد قمنا بما يقرب من مئة مشروع تم تمويلها من قبل أنواع مختلفة من القروض من المؤسسات المالية CMECتتطلع إلى التعاون عن طريق تقديم عرض تنافسي وان تكون شريكاً موثوقاً به، ونحن على استعداد لتسهيل المشروع وسوف نبذل قصارى جهدنا ونبذل كل الجهود، ونتطلع إلى ردك الإيجابي". من جهته، قدّمَ الخبير الاقتصادي، نبيل المرسومي، قراءة اقتصادية حول خطاب الشركة الصينية، من خلال عدة ملاحظات على العرض، أدرجها على شكل نقاط جاءت كالتالي: أولا: إدراك الصين لأهمية العراق الاستراتيجية في موقعه الجغرافي الذي يقع في قلب منطقة الشرق الأوسط التي تُعد منطقة اتصال والتقاء قارات العالم القديم، ويجعل هذا الموقع من العراق محور توجه واهتمام السياسة الصينية، ولذلك ينطوي العراق على أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة للصين، وذلك من أجل ضمان استراتيجيتها الكبرى المسماة (حزام واحد - طريق واحد) التي من المفترض أن تربط كلًا من أوروبا وآسيا بالصين بحلول عام 2050. ثانيا: إن العراق كان وما زال جزءا مهما ومحوريا في طريق الحرير بل هو بمثابة القلب الناضب وهو ما يضع حدا لمن يحاول التقليل من أهمية ميناء الفاو الكبير والقناة الجافة من خلال تضخيم التحديات المتعلقة بميناء جوادر الباكستاني أو الربط السككي ما بين الصين وتركيا. ثالثاً: يعد مشروع القناة الجافة جزءا ًمكملا ً لمشروع ميناء الفاو الكبير، إذ يتم من خلاله نقل البضائع عبر الاراضي العراقية من خلال ربط الموانئ العراقية بشمال أوربا عبر تركيا وسوريا، وبذلك يكون العراق حلقة وصل ما بين الخليج العربي والبحر المتوسط عبر ممر بري هو الوحيد الذي يربط الشرق مع أوروبا والغرب عبر الموانئ العراقية، الذي يعد أقصر الطرق وأقلها تكلفة وأكثرها أمانا ً للسفن والبضائع العالمية، وسيسهم المشروع في تسهيل عمليات النقل والعبور والتجارة البينية بين العراق ودول المشرق وأوروبا، وإن ربط القناة الجافة بموانئ العراق سيمنحهُ مكاسب اقتصادية كبيرة لا تنحصر بتعرفة مرور القطارات عبر السكك العراقية والشاحنات عبر الطرق البرية في الأراضي العراقية، بل يتعدى ذلك إلى أجور وعوائد السفن البحرية القادمة الى موانئ العراق وكذلك أجور وعوائد الوكالات البحرية وفرص العمل لعمال الشحن . رابعاً: العراق مهم جدا في الاستراتيجية الاقتصادية الصينية إذ أن الصين هي الشريك التجاري الأكبر للعراق، إذ وصل حجم التبادل التجاري بينهما إلى 30 مليار دولار في عام 2018، حيث تعد السوق العراقية قريبة من الصين مقارنةً بالأسواق الأوروبية والأمريكية، وكذلك يعد العراق ثاني أكبر مورد نفطي للصين، ورابع أكبر شريك تجاري للصين في الشرق الأوسط. خامساً: إن العرض الجديد الذي قدمتها الشركة الصينية CMECهي ذاتها التي قدمت قبل عدة أسابيع عرضا لميناء الفاو الكبير، وهي شركة حكومية مملوكة لدولةالصين وهذا يعني انها لا تهتم كثيرا بحجم الأرباح المباشرة التي تحصل عليها من تنفيذ مشروعها الجديد بقدر اهتمامها بتحقيق المصلحة العليا للصين والمتمثلة بإكمال طريق الحرير بوصفه البوابة التي خلالها يتم تصريف فائض الإنتاج الصيني الضخم الذي يعادل ثلث الإنتاج الصناعي العالمي. سادساً: العرض الذي قدمته الشركة الصينية يشير الى ان الصين ستنفذ المشروع وتتحمل تكاليفه من خلال تمويله بالقروض طويلة الاجل التي تتضمن شروط دفع ميسرة من خلال طول مدة العقد وفترة السماح وسعر الفائدة الذي يمكن ان يصل الى 5%، ولتهدئة مشاعر القلق عند البعض من تحميل العراق لأعباء ديون خارجية جديدة يمكن للمفاوض العراقي ان يعمل على اقناع الصينيين بتخفيض سعر الفائدة الى مستوى 2% مثلا او التقديم بعرض جديد يتضمن تنفيذ المشروع بصيغة BOOTالتي تعني البناء – التملك – التشغيل – نقل الملكية، ومن خلال هذا النظام تتحمل الشركة الصينية تكاليف بناء الطريق السريع على ان تقوم بتشغيله لمدة زمنية متفق عليها تحصل خلالها على الرسوم المفروضة على مستخدمي الطريق من اجل تسديد تكاليف الشركة الصينية ثم تعود بعد ذلك ملكية المشروع الى العراق. وهذا هو الأسلوب الأكثر استخداما في العالم لتنفيذ مشاريع البنى التحتية، ومن المهم جدا استدراج عروض من شركات اجنبية أخرى لخلق نوع من المنافسة بين الشركات، لأجل تحسين نوعية العروض بما يحقق المصلحة العليا للعراق.
*
اضافة التعليق