الحلقة الثامنة.. هل سيكون (الشباب) سلاح الكاظمي الذي سيجعله رقماً صعباً في معادلة العراق السياسية ؟

بغداد- العراق اليوم:

تمتلك القوى السياسية خزائن مليئة، وتمتلك ترسانة اعلامية، وتمتلك بعضها أجنحة عسكرية مسلحة خارج القوات النظامية، وبعضها يملك نفوذاً سياسياً وداخلياً وأقليمياً، وبعضها يملك ارتباطات بقوى كبرى، نعم كبرى، كل هذه الأسلحة تمتلكها القوى السياسية التي رسخت وجودها في عراق ما بعد صدام حسين، لذا يبدو أن مواجهتها أو محاولة أخضاعها لمنطق الدولة القوية التي تمتلك القرار السيادي والأمني والسياسي والخارجي، ستبدو عملية صعبة، أن  لم تكن مهمة انتحارية من قبل أي قائد حكومي يريد ان يواجه هذه المتاريس العالية، لكن كيف تفككت فجأةً وأطيح ببعضها، وأصبحت عزلاء عن الدعم، ولم تستطع تحريك كل ما تمتلكه من هذه الأسلحة التي تمتلكها، أو أمتلكتها بقوة حضورها السياسي او الحكومي، وأستخذامها النفوذ التي تمتعت به.

كيف لم يعد لدى هذه القوى ما تقوله، كيف زلزلت الأرض من تحتها، ببساطة، أنه الشارع المُحتج، وخصوصاً الشباب الذي شكلوا ذخيرة التغيير في المشهد السياسي، بعد أن عجزت هذه القوى من استيعابهم، أو محاولة أدلجتهم في مشاريعها ذات اليمين وذات الشمال، فنجحت هذه القوى في كسب السلطة، وفشلت في كسب الشارع، وقبضت على القرار، وأفلتت الدولة من يدها.

لذا فأن هذه القوى لم تعد قادرة اليوم على مواجهة شارع ثائر، وشباب طامح بقوة لأن يسجل حضوره السياسي في المشهد، وينهي الأحتكار (الطائفي – القومي) للعمل السياسي في البلاد، ويريد أن يكفر بكل أصنام وكهنة المعبد الذي شيدته هذه القوى بعيداً عن تطلعات الشارع وهمومه ورغباته في دولة ضامنة للعدالة، ومؤسسة لحياة كريمة للجميع.

هذا التغيير المفاجئ، لم يربك هذه القوى فحسب، بل أربك الأقليم والمحيط وحتى كل من يتابع الوضع العراقي، فقد ظهر على الساحة لاعب ثالث قوي وفاعل ومؤثر، أنه الشارع، ولأن حاولت قوى ركوب هذه الموجات، او اتجهت لتفريغ هذا الحراك من محتواه، بدعوى أنه لم يستطع أن يفرز قيادة سياسية جديدة، فأن رد هذه الساحات كان عملياً، حين كان خيارها للسلطة شخصية مستقلة، معروفة الانتماء الوطني، وبعيدة عن خراب ما بعد 2003، وما سبقه، حيث اختار شباب الساحات في كل مدن العراق، مصطفى الكاظمي رئيساً للحكومة الانتقالية التي ستدير عملية نقل السلطة من جيل التأسيس المتعثر، الى جيل الشباب المتطلع نحو غد أفضل.

لذا فأن الكاظمي كان خياراً ستراتيجياً ولم يكن عابراً، أو ملء فراغ، بل أن مشروعية وجوده السياسي الآن، ليست مستمدة من القوى السياسية التقليدية، فهو ليس خيارها الأول بصراحة، أنما هو خيار الشباب الذين كسبوا الجولة، ولا زالوا يراهنون على كسب كل الجولات القادمة، حيث سيكون الكاظمي رقماً مؤثراً وصعباً في أي حراك سياسي او أنتخابي جديد، لأنه خيار شباب الثورة، ويبدو أن بات المعبر عن طموحهم والمترجم لمشروعه السياسي المعلن منذ الأول من اكتوبر 2019، والى الآن، فهو يقود حكومة هي نتاج ثورة تشرين، وسيبقى الرجل وفياً لها، وسيبقى بالتأكيد ابناؤها أوفياء لخيارهم الذي سيدافعون عنه وعن مشروعيته، وسيكون هو السلاح الوحيد الفعال الذي سيملكه الكاظمي وسيعبر به الى عملية سياسية متوازنة واكثر عدالة وتمثيًلًا وأقل ظلماً للجميع.

علق هنا