بغداد- العراق اليوم:
أليس من الوارد أن ينتهي وباء كورونا المستجد بدون لقاح، كما حدث مع وباء الإنفلونزا الإسبانية؟
ولماذا كل هذا التسارع على اعتماد لقاحات فعالة وآمنة لمرض "كوفيد – 19"، الذي يسببه فيروس كورونا المستجد.
هذه الأسئلة وأكثر يرددها معارضو اللقاحات، وهي مجموعات حول العالم ترى أن اللقاحات ليست ضرورية للقضاء على الوباء، وأن هناك طريقين للقضاء عليه، إما حدوث تحور في الفيروس يجعله غير قادر على إصابة البشر، أو تشكيل مناعة الجموع أو ما يسمى بـ"مناعة القطيع"، نتيجة شفاء قطاعات عريضة من الفيروس بعد إصابتها به، وتكوين الأجسام المضاده التي تكون بمثابة حائط الصد الذي يمنع انتشاره.
ولا يبدو الخيار الأول مستبعدا، بل أنه أمن الوارد حدوثه، لا سيما إذا حدث التحور في بروتين (سبايك)، الذي يوجد على سطح فيروس كورونا المستجد، ويمنحه الشكل التاجي المميز، فهذا البروتين هو الذي يفتح خلايانا البشرية لدخول الفيروس.
وتشير الدراسات إلى أن نهاية وباء الإنفلونزا الإسبانية جاء عن طريق حدوث تحور أفقده القدره على إحداث العدوى، ولكن الوضع يبدو مختلفا في فيروس كورونا المستجد، حيث رصدت دراسة لجامعة تكساس الأمريكية نشرتها مجلة mBIO) يوم 30 أكتوبر/تشرين الأول، وجود طفرة في بروتين (سبايك) تسمى (D614G)، وأن هذه الطفرة لا تساعد الفيروس أو تؤذيه، ولكنها تجعله أكثر عدوى.
وبينما ينتظر معارضو اللقاحات طفرة تفقد الفيروس القدرة على اقتحام الخلايا البشرية، فإن هذه الدراسة تمثل دعوة لمطوري اللقاحات كي يتابعوا باستمرار أي تحور في الفيروس يجعله قادرا على الهروب من الأجسام المضادة التي ستولدها اللقاحات التي يتم إعدادها.
وما سبق هو المعنى الذي عبرت عنه إيليا فينكلشتاين، الأستاذ المشارك في العلوم الحيوية الجزيئية بقولها في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة: "مثل دراستنا ستضمن أن اللقاحات والعلاجات العالمية تأخذ دائمًا خطوة إلى الأمام".
ورغم هذه الرؤية غير المتفائلة فيما يتعلق بتطوير الفيروس التاجي تحور يفقده القدره على عدوى البشر، فإن احتمالية حدوث هذا التحور تظل قائمة، ولكن انتظار حدوثها والتعويل على ذلك، غير عملي على الإطلاق.
ويستند د.خالد شحاتة، أستاذ الفيروسات بجامعة أسيوط، جنوبي مصر، إلى نفس المثال الذي يستخدمه معارضو اللقاحات، وهو الإنفلونزا الإسبانية، وقال لـ"العين الإخبارية": "صحيح أنها انتهت بحدوث تحور في الفيروس أفقده القدرة على إحداث العدوى، ولكن ذلك حدث بعد أن حصد أرواح قرابة 50 مليون شخص".. وتساءل: "هل ننتظر أن يحصد الفيروس الجديد هذا العدد من الأرواح لينتهي دون لقاح".
أما عن الخيار الآخر لنهاية الوباء، وهو تشكل مناعة الجموع أو ما يسمى بـ"مناعة القطيع"، فإن انتظار حدوثها عن طريق حدوث إصابة للناس ثم شفائهم وتشكل الأجسام المضادة التي تمنع انتقال الفيروس من شخص لآخر قد تكون تكلفته خسائر بشرية كبيرة، لا تقل أيضا عن خسائر الإنفلونزا الإسبانية، كما يقول أحمد محمود سالمان، لـ"العين الإخبارية"، وهو مدرس علم المناعة وتطوير اللقاحات بمعهد "إدوارد جينر" بجامعة أكسفورد، وعضو فريق تطوير اللقاح.
والطريق الآخر لتشكل مناعة القطيع كما يؤكد د.سالمان هو اللقاحات، وهذا هو السر في الاهتمام العالمي بالوصول إلى لقاح فعال وآمن للفيروس في أقرب فرصة.
ويوجد حاليا 10 لقاحات في مرحلة التجارب السريرية الـ3، و3 لقاحات في نهاية المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، ومن المنتظر وفق تصريحات منظمة الصحة العالمية أن تكون هذه اللقاحات جاهزة في نهاية العام الجاري أو بداية العام المقبل، وستكون مخصصة في البداية للأطقم الطبية وكبار السن، أما إتاحتها لعموم الناس فقد يستغرق عدة أشهر.
*
اضافة التعليق