بغداد- العراق اليوم:
تسلم السيد الكاظمي من سلفه عبد المهدي خزينة خاوية، صاحب ذلك هبوط حاد في اسعار النفط، فضلاً عن تفشي وباء كورونا في العراق وبلدان العالم، ما جعل حكومته تعرض قانون الأقتراض اكثر من مرة وتطلب من مجلس النواب تمريره، فحكومة مصطفى الكاظمي، رغم مضي قرابة الأربعة أشهر على تشكيلها، أستطاعت تمرير قانون اقتراض لتمويل عجز الموازنة بقيمة 21 ترليون دينار عراقي في اول مرة، وها هي اليوم تعود لتقديم القانون الثاني الذي يصل الى 41 ترليون دينار لتغطية نفقات المتبقي من هذا العام، وتسديد مستحقات الموظفين الذين باتوا في قلق شديد نتيجةً للتأخر غير المسبوق في دفع مستحقاتهم الشهرية. فيما يرى نواب وسياسيون ومراقبون اقتصاديون، ان تقديم الحكومة لقوانين الأقتراض الواحد تلو الأخر، دون وجود توجه حقيقي لإصلاح هيكلي في الاقتصاد العراقي، أنما سيدفع بالبلاد الى مصير قاتم، مشابه لأزمة ديون اليونان التي أصبحت من الدول المفلسة، ولم تنفع معها محاولات الانعاش الأقتصادي التي قادتها المانيا وعدداً من دول الإتحاد الأوربي. ولكن هذا الرأي غير صحيح بالمرة، فالعراق يمتلك من المقومات والدعائم المالية القوية ما يجعله بمنأى عن مثل هذه المخاطر القاسية، فالعراق ليس اليونان، لذلك فإن هذا التشبيه ليس في مكانه قطعاً.
ثمة مراقبون يرون أن "الأزمة المالية تتطلب قرارات حاسمة وجريئة، لاسيما في مجال إصلاح نظام الوظيفة العامة، ولاسيما في الدرجات العليا من الهيكل الإداري المترهل، حيث ان الغاء وتقليص الدرجات العليا في الجهاز الإداري، فضلاً عن تعديل مخصصات الوظيفة بالنسبة لبعض القطاعات، وإيجاد سلم رواتب عادل ومناسب لجميع الموظفين، فضلاً عن اصلاحات في القطاع الخاص، وتحفيز النشاط التجاري والزراعي بخطط حقيقية، سيكون له أثر واضح في تجاوز محنة الأزمة المالية الخانقة التي تعيشها البلاد. وفي هذا المجال، فإن الكاظمي قد مضى في الطريق المؤدي الى هذه المعالجات، حين اوقف التعيينات، وقلص الكثير من المصروفات غير الضرورية، بمعنى أدخل الحكومة في نظام ترشيقي اشبه بالنظام التقشفي. من جانبه، أكد عضو اللجنة المالية النيابية “جمال كوجر” أن المبلغ الذي طلبته الحكومة في قانون تمويل العجز المالي كان صادماً واكثر بكثير مما تحتاجه فعلا لتمويل العجز للأشهر المتبقية. وقال كوجر ان “قانون الاقتراض او ما أسمته الحكومة بقانون تمويل العجز، فإنها جميعا مسميات لنفس القضية وهي توفير مبالغ مالية لتغطية العجز لفترة أربعة أشهر”، مبينا أن “القانون هو عبارة عن ارقام صادمة فوجئت بها اللجنة المالية في مجلس النواب، وهي لا تعبر عن الواقع الحقيقي وخاصة الاقتراض الذي تم طلبه”. وأضاف كوجر، ان “وزير المالية سبق له وان صرح بأن موارد العراق النفطية للفترة المقبلة من العام ستكون 15 ترليون دينار وقد ادرجها في القانون بمبلغ 17 ترليون دينار وطلب اقتراض 41 تريليون دينار الى الاربعة الاشهر المحددة في القانون”. موضحاً: “إننا تجاوزنا شهر ايلول ما يعني بقاء ثلاثة اشهر وما تحتاجه الحكومة شهريا بحسب تصريحات مسؤولين في وزارة المالية هو سبعة تريليون دينار شهريا لتغطية الرواتب وبحال ضربها في اربعة اشهر فهذا معناه 28 ترليون دينار وما طلبه الوزير هو 57 تريليون دينار، وبحال طرح الرقم من المجموع الكلي و بحسابات مع ما تم صرفه سابقا وما يدخل لخزينة الدولة فسيكون حينها لدينا أكثر من 19 ترليون دينار زيادة عن الذي تحتاجه الحكومة”. موضحاً أن الازمة المالية والاقتصادية صعبة للغاية، و سحب هكذا ارقام من الاحتياطي البنكي الخاص بالحكومة او من احتياطي المصارف يعتبر أمراً مخالفاً للسياسات والقوانين النقدية “، مشددا على ان “اللجنة المالية ستعيد النظر في هذه الارقام وسيتم احتساب المبالغ الدقيقة التي تحتاجها الحكومة لتغطية نفقاتها الاساسية وتمشية أمور المواطنين وبنفس الوقت سيتم الضغط على الحكومة لتقديم ورقتها الاصلاحية على اعتبار ان استمرار الاقتراض دون اصلاحات حقيقية فهذا امر صعب جدا وغير مقبول وسيكون له تبعات مستقبلية خطيرة جدا”.
*
اضافة التعليق