بغداد- العراق اليوم:
إفتتاحية جريدة الحقيقة
الكاظمي، صديقي فحسب فالح حسون الدراجي
خلال اليومين الماضيين هوجمت بمنشورين متناقضين، الأول ينسبني كاتبه بالعمل مستشاراً، أو موظفاً في مكتب السيد مصطفى الكاظمي رئيس الحكومة العراقية، والأدهى من ذلك - وهنا رباط الفرس - إن صاحب المنشور قد ذكر بأن القوى السياسية الشيعية (الولائية) إشترطت على الكاظمي إبعاد وتغيير عدد من المستشارين في مكتبه، من بينهم كاظم السهلاني وفالح حسون الدراجي ومشرق عباس واحمد ملا طلال ! وهكذا أصبحت برأي كاتب المنشور مستشاراً لدى الكاظمي، بحيث تشترط القوى الشيعية إبعادي! وفي اليوم الثاني، هبت الأقلام (الحشدية والولائية والوطنية) الشريفة تدافع عني، وعن مواقفي المعروفة أزاء الحشد، ومن بينها قلما الزميلين العزيزين أحمد عبد السادة وهادي جلو .. وهنا تغيرت مواقف (الجماعة)، وإنقلب سحرهم على ساحرهم، فأطلقوا ضدي هذه المرة، منشوراً، يتهمني بمهاجمة السيد الكاظمي، والسبب أن رئيس الوزراء قطع (رزقي)، ورفض منحي منصباً في مكتبه أو في الدولة! وهنا وقفت متحيراً أزاء المنشورين، فأنا حقاً لا أعرف ماذا يريد الشخصان اللذان كتبا هذين المنشورين المتناقضين- ويقال حسب المعلومات غير المؤكدة التي وصلتني أن كاتب المنشورين شخص واحد، كان يعمل ضابط مخابرات في نظام صدام -وسأتفرغ له بعد أن أتأكد من ذلك خلال هذين اليومين- المهم أن المنشورين متناقضان، فأحدهما يتهمني بالعمل في مكتب الكاظمي، والآخر يتهمني بمهاجمة الكاظمي، لأنه لم يعطني منصباً في مكتبه ! وقبل أن تلتبس الأمور على القارئ الكريم، أود أن أذكر بشكل مختصر علاقتي بالكاظمي، ورأيي بما نشر : لقد تعرفت على الزميل والصديق مصطفى الكاظمي قبل عشرين عاماً أو أكثر بقليل، عندما عملنا سوية في جريدة المؤتمر التابعة للمعارضة العراقية آنذاك، والتي يشرف عليها بشكل غير مباشر الدكتور أحمد الجلبي رحمه الله، ويرأس تحريرها الأستاذ حسن العلوي أطال الله في عمره، وبعد سقوط النظام مضى كل منا في طريقه الخاص، ولم نعد نتواصل أنا وزميلي الكاظمي. لكن، وبشكل مفاجئ، كنت قبل حوالي خمس او ست سنوات مدعواً لتناول الغداء عند الصديق الفريق قاسم عطا في مكتبه بجهاز المخابرات، وكان الفريق عطا قد أغراني بمشاهدة مكتب برزان التكريتي، وبطعام (طبخ بيت) يجلبه عطا من بيته. وبعد الغداء قال لي الفريق عطا، إن ثمة شخصاً يريد رؤيتك، وسحبني من يدي وذهبنا الى غرفة قريبة من مكتبه، وإذا بي أرى زميلي وصديقي مصطفى الكاظمي جالساً خلف مكتب فيها، فنهض الرجل وعانقني، ثم جلسنا لدقائق معدودة وغادرت، وقد علمت منه بانه قد نسًب للعمل في جهاز المخابرات، ولم يكن وقتها قد عين رئيساً بعد، ومنذ ذلك الوقت حتى هذه اللحظة لم تنقطع العلاقة بينا، خاصة وأنا من الأشخاص الذين يقدرون الصداقة ويحترمونها ! ولما بدأت بوادر ترشيحه لمنصب رئاسة الوزراء كنت من أكثر الناس تحمساً لهذا الترشيح، فهو صديقي الذي أعتز بصداقته، لذلك كتبت في الجريدة والوكالة التي أرأس إدارتهما الكثير من الموضوعات التي تدعم هذا الترشيح، وعدا صداقتنا فهناك أسباب عديدة تدفعنا لدعم ترشيحه منها :أن حكومة السيد عبد المهدي لفظت أنفاسها الأخيرة، وبقاؤها لن يكون أفضل من بقاء جثة متفسخة، ولأن الكاظمي شاب مثقف، قريب من الشارع، ومن نبض المحتجين، فضلاً عن الدور الذي يمكن ان يلعبه في إطفاء التوترات في المنطقة، من خلال علاقته بأمريكا وإيران، وأغلب العواصم الإقليمية، ما يخدم العراق وقضيته الوطنية والاقتصادية. وحين أصبح الكاظمي رئيساً للوزراء، إتصلت به مباركا ومهنئاً، فأراد مني المجيء الى العراق ومساعدته في هذا الحمل الثقيل الذي سيقع على كتفيه - وقد كنت وقتها ولم أزل في امريكا -لكني أعتذرت له بإحترام جم وقلت له بالنص: " أنا شاعر، بل أنا عصفور، ومكاني هو الحدائق، أطير من شجرة وأحط على أخرى بحرية، ولا أحب الإلتزام بالدوام والمكاتب والإجتماعات" . فضحك الرجل وقال ساعتها: " تعال وآنا ازرع لك كم شجرة تحط عليهن" وإنتهى الموضوع، ولم نتحدث به مرة أخرى. وطيلة وجوده في موقع رئاسة الوزراء -ويمكن سؤاله فهو حي يرزق-لم أطلب منه في يوم ما موقعاً أو منصباً أو وظيفة لي، أو لأبنائي، أو لأخوتي أو لأبنائهم، وأغلبهم خريجون وعاطلون عن العمل، كما لم أكلفه بأي شغلة أو مهمة خاصة لأحد، سوى نقل جثمان احد الادباء العراقين المتوفين في تركيا، ومساعدة شاعر عراقي كبير أصيب بالمرض الخبيث.
هل أختلفت مع الكاظمي؟
نعم إختلفت معه منذ الأيام الأولى، خصوصاً حول إختياره لبعض الوزراء الفاشلين، وقد كتبت حلقات بعنوان (الوزراء الفاشلين في حكومة الكاظمي)، وحين عاتبني أحد العاملين في مكتبه الخاص على النشر -وقد عاتبني بحكم الصداقة التي بيننا، وليس لغير ذلك - قلت أنا صحفي ومهنتي النشر "ما أبيع لبن" كما رفضت وإختلفت مع الكاظمي في الكثير من المواقف السياسية والحكومية، حالي حال أي مواطن، او صحفي آخر، له رأي، وموقف مختلف، وكنت ولم أزل أكتب عنه إيجاباً وسلباً، فأنا أريد له النجاح، والنقد السليم الصحيح هو أحدى دعامات النجاح للحكم، ولا أكشف سراً لو قلت بإني قطعت إتصالاتي بالسيد الكاظمي لفترات عديدة، خاصة وإن الرجل لديه الكثير من المسؤوليات والأعمال الحكومية الخطيرة، وغير متفرغ لي ! لذلك فإني حين أنشر آراءي الرافضة أو المتحفظة على بعض قراراته، فهذا لا يعني هجوماً عليه،لاسيما وفهو إعلامي ومتحضر، ويعرف لعبة الديمقراطية أكثر من غيره. ختاماً أود ان أقول نقطة مهمة هي: إن الحشد قضية وطنية عامة، وهو بالنسبة لي قضية مبدأ وموقف أخلاقي لايمكن ولا يجوز الخلاف أو الإختلاف حوله، أما الصداقة فهي قضية شخصية بين صديقين إثنين، والعلاقة بينهما قابلة للخلاف والإختلاف معاً. والكاظمي صديقي فحسب .
*
اضافة التعليق